الجريمة المنظمة العابرة للحدود: تهديد عالمي يتطلب استجابة موحدة

أكد رئيس النيابة العامة، هشام البلاوي، أن الجريمة المنظمة العابرة للحدود تشكل تهديدا حقيقيا لأمن واستقرار الأفراد والمجتمعات، نظرا لما تطرحه من تحديات كبيرة أمام الأنظمة القانونية والأمنية للدول. وأوضح أن خطورة هذه الجريمة تعود لطابعها التنظيمي وتنامي أنشطتها العابرة للحدود، التي لم تعد تعترف بالمسافات الجغرافية، إلى جانب صعوبة تتبع مرتكبيها نتيجة التنظيم المحكم للعصابات الإجرامية.

وخلال مشاركته في الندوة الدولية حول “مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود”، المنظمة من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل الفرنسية، أشار البلاوي إلى أن 83% من سكان العالم يعيشون في دول تعاني من مستويات مرتفعة من الجريمة المنظمة، وفقا لتقرير المؤشر العالمي للجريمة المنظمة لسنة 2023، مقارنة بـ79% سنة 2021.

وأضاف أن العصابات الإجرامية تستغل التطور التكنولوجي، من خلال استخدام وسائل الاتصال الحديثة والذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، لتسهيل تنفيذ الجرائم وإخفاء عائداتها. كما تستغل بؤر التوتر حول العالم، التي تعاني من ضعف في إنفاذ القانون، لتمويل الجماعات المتطرفة وتبييض الأموال الناتجة عن الاتجار بالبشر والمخدرات.

وأشار إلى أن الخسائر العالمية الناتجة عن الجريمة المنظمة تقدر بـ290 مليار دولار سنويا، وفقا للبنك الدولي، كما أن الجرائم المالية المرتبطة بها تمثل 5% من الناتج الداخلي الخام العالمي.

وتوقف البلاوي عند أهمية الجهود الدولية المبذولة لمواجهة هذا التهديد، لاسيما من خلال اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2000 (اتفاقية باليرمو) وبروتوكولاتها الثلاث، المعنية بمكافحة الاتجار بالأشخاص، وتهريب المهاجرين، وتجارة الأسلحة النارية.

وأكد أن رئاسة النيابة العامة بالمغرب جعلت من مكافحة الجريمة المنظمة أولوية، حيث أصدرت دوريات تحث النيابات العامة على التصدي الفعال لجرائم الاتجار بالبشر، وجرائم التكنولوجيا، والمخدرات، وغسل الأموال، والفساد المالي، وتهريب المهاجرين، باعتبارها غالبا ما ترتكب في إطار تنظيمات عابرة للحدود.

كما شدد على أهمية التعاون القضائي الدولي، مشيرا إلى أن المغرب تلقى خلال سنة 2024 حوالي 320 إنابة قضائية دولية من 35 دولة، بنسبة ارتفاع بلغت 23% مقارنة بسنة 2023، إضافة إلى إصدار 90 طلب تسليم إلى سلطات أجنبية.

وفي ختام كلمته، شدد البلاوي على أن التصدي الفعال لهذا النوع من الجرائم يمر عبر تحديث التشريعات، وتعزيز آليات البحث والتحقيق، وتطوير قدرات أجهزة إنفاذ القانون، إلى جانب تبادل الخبرات والممارسات الجيدة بين الدول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى