عبد اللطيف وهبي يرفض تعديلات النواب: “لا نقبل الابتزاز باسم محاربة الفساد”

في جلسة برلمانية ساخنة عقدت يوم الثلاثاء بمجلس النواب، عبر وزير العدل عبد اللطيف وهبي عن رفضه القاطع للتعديلات المقترحة من طرف النواب البرلمانيين على المادة الثالثة من قانون المسطرة الجنائية، معتبرا أن تلك التعديلات قد تستخدم كسلاح لتصفية الحسابات السياسية باسم محاربة الفساد.
وخلال مداخلته، كشف وهبي عن معطى مثير يتعلق بالأستاذ الجامعي المتابع في ما بات يعرف إعلاميا بـ”قضية الشهادات المزورة”، حيث أفاد بأن هذا الأخير سبق أن وقع بصفته رئيس جمعية اتفاقية مع وزير العدل السابق لمحاربة الرشوة، قبل أن يتهم لاحقا في القضية ذاتها التي تنظر فيها المحاكم حاليا.
وأوضح الوزير أن هناك 72 شكاية مرفوعة ضد رئيسين سابقين بمدينة فاس، بالإضافة إلى 32 شكاية أخرى في الدار البيضاء، مشيرا إلى أن بعض الشكايات تستخدم أحيانا كورقة ضغط ضد المسؤولين الذين لا يرضخون للابتزاز، وأضاف: “النيابة العامة مستقلة، وليس من حق الوزارة أن تطلب منها تحريك أو حفظ الشكايات، وإلا فلن ننتهي حتى بعد مرور عشرين سنة”.
وتساءل وهبي: “هل رؤساء الجماعات سيتفرغون لمشاكل المواطنين أم للصراعات مع هذه الجمعيات؟”، مشددا على أن الفساد الحقيقي يسقط في النهاية، لكن الأخطر هو استهداف المرشح النزيه وتحويله إلى ضحية للابتزاز، وأضاف: “الأحزاب هي من تصنع الخريطة السياسية، وعلينا أن نحسم: إما نقبل مرشحينا كخيار سياسي مشروع، أو نرفضهم باعتبارهم غير صالحين”.
وأشار الوزير إلى أن بعض جمعيات حماية المال العام أصبحت تستغل لرسم خريطة سياسية معينة، إذ يتم تحريك شكايات ضد وجوه سياسية بارزة، تليها مؤتمرات صحفية مباشرة بعد مغادرة المحكمة، وهو ما اعتبره تجاوزا لاستقلالية القضاء وأخلاقيات العمل المدني.
وفي رد على الانتقادات الموجهة للعمل القضائي في هذا السياق، قدم وهبي أرقاما دقيقة حول الشكايات المقدمة للنيابة العامة: ففي سنة 2020 تم تقديم 30 شكاية، حفظ منها 11، أما في سنة 2021 فقد بلغت 20 شكاية، تم حفظ ثلاث منها. وبالنسبة لسنة 2022 فقد تم تسجيل 20 شكاية أيضا، حفظت منها 9، في حين سجلت 27 شكاية سنة 2023، حفظ منها خمس. ليصل المجموع إلى 106 شكاية خلال أربع سنوات، تم حفظ 31 منها فقط.
وتابع وهبي بنبرة حادة: “لا يعقل أن يحكم رئيس جمعية لا وظيفة له سوى رفع الشكايات، ويملك فيلا وسيارة رباعية الدفع، أكثر من 1500 رئيس جماعة”، مؤكدا أن “الواقع مر، ولا نريد أحدا يتقمص دور الملائكة، فإذا كنتم تعتبرون بعض المرشحين فاسدين، فعليكم تقوية أحزابكم ومنافستهم ديمقراطيا”.
وفي ختام كلمته، أكد وزير العدل رفضه لجميع التعديلات المقترحة بشأن المادة المثيرة للجدل، مبرزا أن “إصلاح العدالة لا يمكن أن يتم تحت تأثير الضغط أو الابتزاز، بل عبر نقاش عقلاني يحترم الدستور ويصون توازن السلطات”.