سيدي البرنوصي بين الوعود الانتخابية وتطلعات الساكنة

ع.مشواري
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقبلة في المغرب، تبدأ ملامح الحراك السياسي تتبلور عبر مختلف ربوع المملكة، حيث تسعى الأحزاب إلى تعزيز حضورها الميداني واستقطاب الناخبين في أفق الاستحقاقات القادمة. وفي هذا السياق العام، تبرز منطقة سيدي البرنوصي بالدار البيضاء كنموذج يجسد بعض الممارسات التي باتت تتكرر خلال كل موسم انتخابي، من قبيل فتح دكاكين انتخابية موسمية، غالبا ما يغلق معظمها بعد انتهاء الحملة، دون أن تخلف أثرا ملموسا في الحياة السياسية أو المجتمعية اليومية.
وتقابل هذه التحركات بتساؤلات وانتقادات من طرف عدد من الفاعلين المحليين، الذين يرون أن هذه المقرات لا تعكس رغبة حقيقية في التواصل مع المواطنين، بقدر ما تمثل أدوات ظرفية لحشد الأصوات، دون وجود رؤية طويلة الأمد لخدمة الساكنة أو مواكبة قضاياهم.
في موازاة ذلك، تشهد الساحة السياسية المحلية في سيدي البرنوصي توترا متصاعدا، يتمثل في صراعات بين أقلية من المعارضة والمجلس الجماعي، حيث عبرت بعض الأصوات المعارضة عن شكوك بشأن شفافية بعض المشاريع المنجزة في السنوات الأخيرة، مطالبة بفتح نقاش عمومي حول طرق تدبيرها ومصير ميزانياتها. بالمقابل، دافعت الأغلبية المسيرة عن شرعية قراراتها، مؤكدة أن جميع الصفقات أنجزت في إطار قانوني ووفقا للمساطر الإدارية المعتمدة.
من جهة أخرى، بدأ عدد من أبناء المنطقة، من فاعلين جمعويين وسكان محليين، يطرحون فكرة الدفع بترشيح شخصيات ذات مكانة اجتماعية مرموقة وسمعة طيبة داخل سيدي البرنوصي، ليكون لهم دور فعلي في الاستحقاقات المقبلة. وتهدف هذه المبادرة إلى تجديد النخب السياسية، وتشكيل لوائح انتخابية يكون أغلب أعضائها من “أبناء الدار”، ممن تربطهم علاقة وثيقة بهموم الساكنة ومطالبهم.
وفي تصريح لأحد النشطاء المحليين قال :نريد أن يمثلنا أشخاص يعيشون بيننا، يعرفون مشاكلنا عن قرب، ويملكون الجرأة للدفاع عنها داخل المؤسسات. “خصنا ناس شبعانين، وعندهم غيرة على الحومة، وما جايينش غير باش يدوزو مرحلة وينساو الناس اللي صوتو عليهم”
ومع تزايد هذه الدعوات، يبرز تساؤل جوهري حول مستقبل العمل السياسي في سيدي البرنوصي: هل ستشكل الانتخابات المقبلة فرصة حقيقية لظهور نخب جديدة تعبر بصدق عن تطلعات المواطنين؟ أم أن بعض الممارسات المرتبطة بالحملات الموسمية، مثل فتح المقرات الظرفية، ستظل حاضرة وتؤثر على ثقة المواطن في جدية العمل الحزبي؟
في كل الأحوال، تبقى الحاجة ماسة إلى تعزيز جسور التواصل المستمر بين الفاعلين السياسيين والساكنة، سواء عبر التمثيلية المؤسساتية أو من خلال العمل الميداني، بما يرسخ ثقافة المشاركة السياسية ويعيد الاعتبار للمجالس المنتخبة، بصرف النظر عن تركيبتها أو توجهاتها. فالتحدي الحقيقي لا يكمن فقط في كسب المقاعد، بل في تحقيق التمثيل الفعال والالتزام بقضايا المواطنين على مدار السنة، وليس فقط خلال فترة الانتخابات.