الهوية الوطنية بين تحديات العولمة وخصوصية الانتماء: الإمارات والمغرب نموذجا

في سياق النقاشات الراهنة حول الهوية الوطنية في ظل التحولات العالمية، شدد محمد أوجار، وزير العدل وحقوق الإنسان السابق، على أن العالم يعيش مرحلة جديدة تتسم بسيادة قيم العولمة، وحقوق الإنسان، والحكامة، والمساواة. ورغم هذا التحول، تمكنت كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية من الحفاظ على هويتهما الثقافية الأصيلة.
جاء ذلك خلال مشاركة أوجار، يوم السبت، في حفل إطلاق كتاب “الهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة بين خصوصية الثوابت والقيم وعالمية المعايير”، من تأليف الدكتور جمال سند السويدي، وذلك ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط.
وأشاد أوجار بجرأة المؤلف في طرح إشكالية الانتقال من مجتمع قبلي إلى دولة اتحادية، ثم إلى دولة مدنية حديثة، معتبرا أن هذا التحول يعكس تجربة عميقة في بناء الدولة دون التفريط في الخصوصيات الثقافية والدينية.
وأكد المتحدث أن الإمارات نجحت في إيجاد توازن دقيق بين الحفاظ على المنظومة القيمية التقليدية، والانفتاح على مستجدات العصر، كحقوق الإنسان، والمساواة، والثورة الرقمية. مشيرا إلى أن هذه المعادلة ليست سهلة، لكنها تشكل نموذجا يحتذى به في التوفيق بين الأصالة والمعاصرة.
وفي السياق ذاته، أبرز أوجار أن الإمارات، مثل المغرب، تعتمد نموذجا توافقيا في بناء هويتها، يستوعب الميراث الديني والثقافي دون أن يتصادم مع القيم الكونية الجديدة. واستحضر الوزير السابق التجربة المغربية في هذا المجال، مستدلا بمواقف رياضيين مثل حكيم زياش وأشرف حكيمي، اللذين اختارا تمثيل المغرب رغم الإغراءات والضغوط الخارجية، مما يعكس تمسكهما العميق بهويتهما الوطنية.
كما أشار إلى الارتباط الوثيق للجالية المغربية المقيمة بالخارج بأرض الوطن، من خلال عودتهم السنوية رغم ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يعكس عمق الانتماء والولاء للهوية المغربية.
واعتبر أوجار أن المنطقة العربية تعيش في مفترق طرق، حيث يشتد الصراع بين الخصوصيات المحلية والقيم الكونية التي فرضتها العولمة. وحذر من تنامي نزعات اليمين المتطرف والعنصرية في المجتمعات الغربية، والتي تقابلها في بعض بلدان الجنوب العربي انقسامات قبلية وصراعات داخلية تهدد وحدة الأوطان.
ورأى أن المغرب، بفضل الرؤية المتبصرة للملك محمد السادس، استطاع أن يرسخ نموذجا لهوية وطنية منفتحة، تقوم على الإسلام المعتدل، والخصوصية المغربية، والتفاعل مع العالم دون تفريط في الثوابت.
من جهته، عبر الدكتور جمال سند السويدي، مؤلف الكتاب، عن امتنانه لحفاوة الاستقبال الذي حظي به في المغرب، مشيدا بالإقبال الكبير على فعاليات المعرض. واعتبر أن موضوع الهوية يكتسي أهمية بالغة تفوق حتى الانتماء الجغرافي أو الإقليمي، داعيا إلى تعزيز الوعي بأهمية الهوية في بناء الدول وصون استقرارها.
وأضاف أن معارض الكتب أصبحت اليوم ملاذا حقيقيًا للثقافة في ظل تراجع نسب القراءة في العديد من البلدان، مستثنيا المغرب الذي اعتبره نموذجا استثنائيا في حب الكتاب والقراءة.