القمة العربية في بغداد: دعم متجدد للقضايا المصيرية وموقف موحد تجاه الأزمات الإقليمية

في ختام أعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين، التي انعقدت في بغداد، عبر القادة العرب من خلال “إعلان بغداد” عن مواقف موحدة تجاه عدد من القضايا الإقليمية، مجددين التأكيد على التضامن العربي ودعم المبادرات التي تعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.
من أبرز محاور الإعلان، تجديد الدعم الكامل لدور رئاسة لجنة القدس ووكالة بيت مال القدس، برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية. وقد أكد الزعماء العرب في قرارهم المتعلق بـ”التطورات والانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة” على أهمية هذا الدور المحوري في حماية المدينة المقدسة ودعم صمود أهلها.
وفي الشأن الليبي، شدد القادة على دعم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في إطار ولايتها المقررة بموجب قرارات مجلس الأمن، بهدف التوصل إلى تسوية سياسية شاملة تستند إلى الاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيرات سنة 2015.
كما أعربت القمة عن تأييدها لترشيح المملكة المغربية للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي للفترة 2028-2029، داعية الدول الأعضاء إلى حشد الدعم لهذا الترشيح لدى الشركاء الدوليين. وفي السياق ذاته، شددت القمة على أهمية مواصلة الاستفادة من مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، وكذلك من معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، في تعزيز التعاون الديني والتكوين الروحي المعتدل في القارة الإفريقية.
ورحبت القمة باستضافة المملكة المغربية لمكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب بإفريقيا، معتبرة هذا الأمر خطوة متقدمة في إطار دعم الجهود الدولية لمحاربة التطرف.
فيما يخص الأوضاع في غزة، دعا “إعلان بغداد” المجتمع الدولي، خصوصا القوى المؤثرة، إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية للضغط من أجل وقف فوري لإراقة الدماء، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودون عوائق إلى جميع مناطق القطاع.
ومثل الملك محمد السادس في القمة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، الذي نقل كلمة جلالة الملك أمام المشاركين. وقد شدد الملك في كلمته، التي طغت عليها نبرة إنسانية وسياسية حازمة، على ضرورة الوقف الفوري للعمليات العسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة، واستئناف الحوار السياسي لإحياء اتفاق الهدنة، وصولا إلى وقف نهائي لإطلاق النار.
كما دعا جلالته إلى التدخل العاجل لوقف الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية، خاصة ما يتعلق بهدم المنازل وترحيل السكان المدنيين، فضلًا عن ضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية، وعدم عرقلتها لأي سبب. وأكد الملك على أهمية الحفاظ على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ودعم مهامها الإنسانية.
وفي جانب آخر من كلمته، جدد العاهل المغربي التأكيد على التزام المملكة بالمساهمة الفاعلة في تقوية العمل العربي المشترك، وتعزيز آليات التعاون لمواجهة تحديات العصر، وفي مقدمتها الأمن الغذائي والمائي، وارتفاع أسعار الطاقة، وتغير المناخ.
كما شدد الملك محمد السادس على ضرورة الالتزام بمبادئ حسن الجوار، واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، ورفض كل أشكال التدخل الخارجي واحتضان الحركات الانفصالية، التي باتت خارج السياق التاريخي والجيوسياسي الراهن.
وبذلك، جسدت القمة العربية في بغداد موقفا عربيا متماسكا تجاه قضايا محورية، وجددت التزام الدول العربية بالوحدة والتضامن في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.