العقوبات البديلة في قضايا النفقة بين التخفيف من الاكتظاظ وضمان حقوق الأبناء

أثار دخول العقوبات البديلة حيز التنفيذ في المغرب نقاشا قانونيا واجتماعيا واسعا، خصوصا فيما يتعلق بجنحة إهمال الأسرة الناتجة عن امتناع الأب عن أداء النفقة، سواء أثناء الزواج أو بعد الطلاق. وقد انقسمت الآراء بين من يرى أن هذه العقوبة يمكن أن تستبدل بتدابير بديلة كالمراقبة الإلكترونية أو العمل لفائدة المنفعة العامة، وبين من يعتبر أن هذه البدائل لا تحقق الهدف الأساسي المتمثل في توفير النفقة للأبناء.
يرى مؤيدو إدماج هذه الجنحة ضمن نظام العقوبات البديلة أن ذلك يخفف الضغط على المؤسسات السجنية ويحد من الأضرار الاجتماعية المترتبة عن السجن، مثل فقدان العمل وتفاقم هشاشة المعنيين بالأمر، وهو ما ينعكس سلبا على التزاماتهم المالية.
في المقابل، يشدد معارضون على أن النفقة مسألة معيشية مرتبطة مباشرة بحقوق الأطفال، وبالتالي فإن بدائل السجن لا تقدم حلا عمليا لضمان حصولهم على مستحقاتهم. ويقترح هؤلاء حلولا أكثر نجاعة، من قبيل إحداث صناديق اجتماعية تتدخل في حالة عجز الأب أو عسره، وهو نموذج معمول به في عدد من الدول.
من جانبه، أوضح رئيس المركز المغربي للوعي القانوني أن الجنح التي لا تتجاوز عقوبتها السجنية سنتين يمكن أن تستفيد من نظام العقوبات البديلة، ما يجعل جنحة إهمال الأسرة مشمولة بهذا الإطار القانوني. أما على المستوى الاجتماعي، فيؤكد خبراء القانون أن امتناع الأب عن أداء النفقة غالبا ما يرتبط بأوضاع مادية صعبة وليس برفض متعمد، الأمر الذي يستدعي تدخل الدولة عبر آليات دعم فعالة.
ويخلص مراقبون إلى أن معالجة هذه الإشكالية تتطلب توازنا بين التخفيف من اكتظاظ السجون وضمان حقوق الأطفال، مع ضرورة إشراك المجتمع المدني والفاعلين السياسيين في صياغة حلول مستدامة، أبرزها إحداث صناديق اجتماعية تضمن النفقة في حالات العجز المادي.