المغرب يحتفل في بروكسل: ستة وعشرون عاما من التقدم والوفاء

احتفلت سفارة المملكة المغربية في العاصمة البلجيكية بروكسل بالذكرى السادسة والعشرين لتربع جلالة الملك محمد السادس على عرش المملكة، من خلال تنظيم حفل استقبال متميز جمع بين الأناقة الدبلوماسية والرمزية الوطنية العميقة. وشهد هذا الحفل حضورًا وازنا ضم عددا من الشخصيات الرسمية من الحكومة البلجيكية ودوقية لوكسمبورغ الكبرى، إلى جانب أعضاء السلك الدبلوماسي، وفعاليات اقتصادية وثقافية، وممثلين عن الجالية المغربية المقيمة في بلجيكا.
في كلمته خلال الحفل، عبر السفير المغربي عن بالغ امتنانه للحضور، مشددا على أن هذه الذكرى ليست مجرد مناسبة بروتوكولية، بل لحظة وطنية تعكس تجديدا للعهد والولاء للعرش، وتعبر عن العلاقة الفريدة التي تربط بين الملك والشعب. وأكد أن السنوات الست والعشرين من حكم جلالة الملك محمد السادس شكلت مرحلة مفصلية في تاريخ المملكة، اتسمت بإصلاحات هيكلية عميقة ومشاريع استراتيجية غير مسبوقة، مكنت المغرب من أن يرسخ مكانته كدولة مستقرة ومتقدمة في محيط يعج بالتحولات والتحديات.
وخلال حديثه، توقف السفير عند ما وصفه بـ”الاستثناء المغربي”، حيث استطاعت المملكة الحفاظ على استقرارها السياسي والاجتماعي رغم التوترات الإقليمية، وهو ما اعتبره ثمرة لسياسات رشيدة وتلاحم وطني متين. كما أشار إلى أبرز الأوراش التنموية التي تشهدها المملكة، من تعميم الحماية الاجتماعية، إلى مشاريع البنية التحتية الكبرى، مثل ميناء طنجة المتوسط، وشبكة القطار فائق السرعة، ومشاريع الأمن المائي والسيادة الطاقية، ما يعكس التزاما ملكيا راسخا بتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
على المستوى الاقتصادي، أشار السفير إلى قدرة الاقتصاد المغربي على الصمود في وجه الأزمات، وتحقيقه لمعدلات نمو مشجعة بفضل تنويع مصادر الإنتاج، وتطور قطاعات استراتيجية كصناعة السيارات، والطاقة المتجددة، والسياحة. كما أبرز الريادة المغربية في مجال التحول الطاقي، لا سيما من خلال المشاريع المرتبطة بالهيدروجين الأخضر التي تحظى باهتمام دولي متزايد، ما يجعل المغرب فاعلا أساسيا في الانتقال الطاقي العالمي.
في الشق الدبلوماسي، أكد السفير التزام المغرب بمبادئ الاعتدال والحوار والانفتاح، مشيرا إلى أن قضية الصحراء المغربية تشهد دعما دوليا متناميا لصالح مبادرة الحكم الذاتي، التي تمثل الحل الواقعي والجاد للنزاع الإقليمي. وأوضح أن هذه الدينامية تجسدت في افتتاح العديد من القنصليات العامة في الأقاليم الجنوبية، مما يعكس اعترافا متزايدا بالسيادة المغربية على هذه المناطق. كما نوه بالدور الريادي للمغرب في القارة الإفريقية، من خلال مشاريع مهيكلة مثل أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب، والمبادرة الأطلسية التي تروم تعزيز التعاون والتكامل بين دول جنوب الأطلسي.
وفي ختام كلمته، أبرز السفير العلاقات المتينة التي تجمع المغرب بالاتحاد الأوروبي، مؤكدا على أهمية الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين الجانبين في مختلف المجالات. كما ثمن دعم بلجيكا المتواصل للوحدة الترابية للمملكة، وأشاد بالدور الإيجابي للجالية المغربية في بلجيكا، التي تمثل جسرا ثقافيا وإنسانيا بين البلدين، ومصدر فخر لما تقدمه من مساهمات في مختلف مناحي الحياة.
لقد عكس هذا الحفل، بكل أبعاده، ليس فقط وفاءً لذكرى وطنية عزيزة، بل أيضا تجسيدا حيا لرؤية ملكية طموحة ترسم ملامح مغرب مزدهر، منفتح، وشريك فاعل على الساحتين الإقليمية والدولية، يمضي بثقة نحو المستقبل في ظل قيادة حكيمة وإرادة جماعية راسخة.