المغرب يقود توافقا دوليا بمجلس حقوق الإنسان لربط مكافحة الفساد بحماية الحقوق

اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يوم الإثنين 7 يوليوز 2025 في جنيف، قرارا بالإجماع قدمه المغرب بشأن الأثر السلبي للفساد على التمتع بحقوق الإنسان، في خطوة تعكس التزام المملكة المتواصل بتعزيز الحكامة الجيدة وترسيخ مبادئ الشفافية في المحافل الدولية. وقد جاء هذا القرار نتيجة تنسيق مشترك بين المغرب ومجموعة مصغرة من الدول تضم الأرجنتين، والنمسا، والبرازيل، والإكوادور، وإثيوبيا، وإندونيسيا، وبولندا، والمملكة المتحدة، حيث شدد على ضرورة اعتماد مقاربة قائمة على حقوق الإنسان في جميع الجهود الدولية لمكافحة الفساد.

وخلال عرضه لنص القرار باسم الدول المشاركة، أبرز السفير الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، عمر زنيبر، أن الفساد يمثل تهديدا خطيرا للبنية الأساسية للمجتمعات، إذ يعرقل الوصول إلى الخدمات الأساسية، ويقوض الثقة في المؤسسات العمومية، ويفاقم الفوارق الاجتماعية، ويخلق بيئة خصبة لوقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. واعتبر أن التصدي للفساد لا يمكن أن يتم بمعزل عن احترام الحقوق والحريات الأساسية، مشيرا إلى أن المغرب يدافع عن هذا التوجه سواء في سياساته الوطنية أو ضمن مواقفه الدولية.

وأشار زنيبر إلى أن دستور المملكة المغربية لسنة 2011 أقر مكافحة الفساد كأولوية وطنية، حيث تم إحداث الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، كما تم تعزيز المنظومة القانونية عبر قوانين تضمن الحق في الوصول إلى المعلومات وترسخ مبادئ الشفافية والمساءلة.

ويعتبر هذا القرار استمرارا للعمل الذي بدأته اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان منذ سنة 2015، حيث تم تكليفها بإعداد دراسة معمقة حول التزامات الدول من الناحيتين الإجرائية والجوهرية في مجال حماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الفساد. كما أبرز النص أهمية التربية والتكوين في ترسيخ قيم النزاهة، منوها بالدور الحيوي الذي تضطلع به المؤسسات الأكاديمية في هذا المجال.

وأكد زنيبر أن هذه المبادرة تنسجم مع الالتزامات التي أعلن عنها خلال المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، حيث إن الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة وسيادة القانون تعتبر دعائم أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ودعا إلى تعزيز التعاون متعدد الأطراف، مؤكدا ضرورة توطيد الشراكة بين مجلس حقوق الإنسان وباقي هيئات الأمم المتحدة، وعلى رأسها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا، لضمان تنفيذ فعال لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

واختتم الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة مداخلته بالتأكيد على أن اعتماد القرار بالإجماع يحمل رسالة واضحة من المجتمع الدولي مفادها أن مكافحة الفساد ليست مجرد آلية تقنية أو إدارية، بل هي جوهر مرتبط بحماية حقوق الإنسان وتعزيز الكرامة الإنسانية في كل المجتمعات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى