حقوق الإنسان والمقاولة: رهانات التنمية المستدامة في المنطقة العربية والإفريقية

أكدت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن العلاقة بين عالم الأعمال وحقوق الإنسان تعد قضية استراتيجية جوهرية، لا تقتصر على الأوساط الأكاديمية أو المؤسسات الرسمية، بل تمثل مدخلا أساسيا لتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز الأمن الإنساني. جاء ذلك خلال كلمتها في المنتدى العربي الإفريقي حول المقاولة وحقوق الإنسان، المنعقد يوم الثلاثاء 24 يونيو 2025 تحت شعار: “من أجل حوار إقليمي داعم لاقتصاد مسؤول يراعي حقوق الإنسان”.

أشارت بوعياش إلى أن هذه السنة تصادف الذكرى الرابعة عشرة لاعتماد المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، إلى جانب المبادئ العشرة للاتفاق العالمي للأمم المتحدة، التي تشكل مرجعا في مجالات: حقوق الإنسان، والعمل، والبيئة، ومكافحة الفساد.

لكنها نبهت في المقابل إلى وجود مؤشرات مقلقة في السنوات الأخيرة، من بينها التدهور البيئي المتسارع، وتزايد التهجير القسري، واتساع الفجوات الاجتماعية، وارتفاع نسب هشاشة الفئات الضعيفة، مشيرة إلى أن القارة الإفريقية ما تزال تواجه أرقاما مقلقة في ما يخص تشغيل الأطفال، حيث يقدر عددهم بـ72 مليون طفل، وهو ما يعكس هشاشة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

كما أبرزت التحديات التي تطرحها المنظومة التشريعية الوطنية في ملاءمة القوانين المتعلقة بعلاقات الشغل والاستثمار مع المعايير الدولية، مؤكدة على أهمية إدماج البعد الحقوقي في المشاريع الكبرى، وسلاسل التوريد، والبنيات التحتية، من أجل توفير بيئة عمل كريمة خالية من التمييز وتحترم الكرامة الإنسانية والمعايير البيئية.

وشددت بوعياش على أن المبادئ التوجيهية المتعلقة بالعناية الواجبة تطرح تحديات على مستوى التطبيق، وتتطلب تطوير آليات وطنية وإقليمية فعالة، مع توسيع دائرة الفاعلين لتشمل المؤسسات الوطنية والمجتمع المدني.

وحددت المتحدثة عددا من الرهانات الأساسية التي يتابعها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، منها:

  1. تضمين حقوق الإنسان في أطر الاستثمار الدولي.
  2. إدماج قضية المناخ في السياسات الاقتصادية.
  3. مواءمة أهداف التنمية المستدامة مع الالتزامات الحقوقية.
  4. إشراك الفئات الهشة في إعداد السياسات العامة.
  5. التسريع بالمصادقة على الاتفاقية الدولية حول الحق في التنمية والأنشطة التجارية.

كما استعرضت بوعياش محاور الاستراتيجية الجديدة للمجلس، التي تشمل:

  • دعم التدابير الطوعية والإلزامية لاحترام الشركات لحقوق الإنسان.
  • رصد الشكايات المتعلقة بالآثار البيئية والاجتماعية للأنشطة الاقتصادية.
  • المساهمة في إعداد ملف المغرب لاستضافة كأس العالم بمقاربة حقوقية.
  • دعم استراتيجية وطنية تدمج البعد الحقوقي في الاقتصاد.
  • الدعوة إلى تبني مقاربة حقوقية في منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
  • تنظيم ورشات تكوينية عادلة من حيث الجغرافيا والنوع الاجتماعي.
  • عقد لقاءات مع البرلمان والمجتمع المدني لإعداد خطة عمل وطنية.
  • تقديم ملاحظات إلى لجان الأمم المتحدة.
  • إصدار تقارير حول تأثير الذكاء الاصطناعي على الأعمال وحقوق الإنسان.

وختمت بوعياش كلمتها بالتأكيد على أن المنطقة العربية والإفريقية تزخر بثروات طبيعية وطاقات بشرية واعدة، داعية إلى نماذج تنموية تحترم الخصوصيات المحلية، وتقوم على إشراك المجتمعات، وتشجيع المقاولات الصغيرة والمتوسطة، معتبرة أن الرهان ليس اقتصاديا فقط، بل هو اجتماعي وثقافي وبيئي وإنساني وأخلاقي بامتياز. وقالت: “لا تنمية بدون كرامة، ولا استثمار مستدام بدون احترام حقوق الإنسان، ليس كوسيلة فقط، بل كغاية وجوهر حقيقي للتنمية وثروة لا تقدر بثمن”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى