هندسة النزاهة الاقتصادية: رؤية جديدة لمحاربة الفساد في القطاع الخاص

كشف رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بنعليلو، عن رؤية جديدة لمعالجة الفساد في القطاع الخاص، باعتباره تحديا يقوض الثقة الاقتصادية ويضعف تنافسية المقاولات وجاذبية الاستثمار. وأكد أن الفساد داخل هذا القطاع لم يعد يقتصر على الرشوة المرتبطة بالموظف العمومي، بل أصبح شبكة معقدة من الممارسات غير الأخلاقية تشمل تضارب المصالح واستغلال النفوذ الاقتصادي والتسريبات الماسة بالمنافسة، إضافة إلى وضعيات الاحتكار والهيمنة.

وشدد بنعليلو على ضرورة التعامل مع الفساد بجرأة وموضوعية، بالنظر إلى تأثيره المباشر على الإنتاجية والاستثمار، وما يسببه من خسائر مهمة في الناتج الداخلي الإجمالي. وأشار إلى أن الإقلاع الاقتصادي الحقيقي يبدأ بتحرير الحياة الاقتصادية من ثقافة الامتيازات والعلاقات، وتصحيح الاعتقاد الخاطئ بأن الرشوة وسيلة لتسريع المعاملات.

وأوضح أن النزاهة في القطاع الخاص ليست مجرد قيمة أخلاقية، بل عنصر أساسي في التنافسية الوطنية، بينما يشكل الفساد عطبا بنيويا في هندسة السوق لا يمكن إصلاحه إلا بإعادة تنظيم آليات الردع والتحفيز، وتحويل الامتثال لقواعد النزاهة إلى قيمة مضافة وليست عبئا على المقاولات.

وأكد أن المطلوب اليوم ليس فقط معاقبة الفساد بعد وقوعه، بل بناء شروط تمنع حدوثه أصلا، وذلك عبر تصور يقوم على هندسة النزاهة كجزء من البنية الاقتصادية للمقاولة. ودعا إلى تجاوز منطق محاربة الفساد نحو بناء فلسفة اقتصادية جديدة قوامها النزاهة، باعتبارها أساسا لاقتصاد يعتمد على الثقة والشفافية والكفاءة، ويضمن للمقاولات استدامة أكبر وربحية أعلى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى