نحو عدالة أكثر إنسانية: المصادقة على مرسوم تطبيق العقوبات البديلة في المغرب

صادق مجلس الحكومة، يوم الخميس، على مشروع المرسوم رقم 2.25.386 المتعلق بكيفيات تنفيذ العقوبات البديلة، الذي قدمه وزير العدل عبد اللطيف وهبي. ويأتي هذا المرسوم في سياق تنزيل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، الهادف إلى تطوير فعالية العدالة الجنائية، والتقليل من الضغط على المؤسسات السجنية، باعتماد مقاربات حديثة وأكثر إنسانية في التعامل مع الجنايات غير الخطيرة.
يندرج هذا المشروع ضمن الجهود الرامية إلى تفعيل المقتضيات المستحدثة في قانون المسطرة الجنائية، خصوصًا المواد من 647-1 إلى 647-13، عبر ضبط أدوار الإدارة المكلفة بالمؤسسات السجنية في تتبع تنفيذ العقوبات البديلة على المستويين المركزي والمحلي، مما يعزز من آليات التنسيق والمتابعة.
وحسب دليل أصدره المجلس الأعلى للسلطة القضائية، فإن تطبيق العقوبات البديلة يتطلب أن تكون الجريمة المرتكبة جنحة لا تتجاوز العقوبة الحبسية فيها خمس سنوات، وألا يكون الجاني من ذوي السوابق القضائية. كما يجب على القاضي أن يأخذ بعين الاعتبار ظروف المحكوم عليه، بما في ذلك حالته الشخصية والاجتماعية، ومدى قابليته للإصلاح والاندماج، مع ضرورة إعلامه صراحة بأن أي إخلال بشروط تنفيذ العقوبة البديلة سيترتب عليه الرجوع إلى تنفيذ العقوبة الأصلية.
ويستثني القانون عددا من الجرائم من تطبيق هذا النوع من العقوبات، أبرزها تلك التي تمس بأمن الدولة، وجرائم الإرهاب، والرشوة، واختلاس المال العام، وغسل الأموال، والاتجار الدولي في المخدرات، بالإضافة إلى الجرائم الجنسية المرتكبة ضد القاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة.
تنقسم العقوبات البديلة المعتمدة إلى أربع فئات. الأولى تتمثل في العمل لأجل المنفعة العامة، والذي يلزم المحكوم عليه بأداء ساعات عمل لفائدة الدولة أو هيئات عامة أو جمعيات ذات طابع اجتماعي، بحيث تحتسب كل ثلاث ساعات من العمل بيوم واحد من الحبس، وتتراوح بين أربعين ساعة كحد أدنى وثلاثة آلاف وستمائة ساعة كحد أقصى.
أما الفئة الثانية فتشمل المراقبة الإلكترونية، التي تقيد حركة المحكوم عليه ضمن مجال جغرافي وزمني محدد باستخدام وسائل تقنية تتابعها الإدارة المختصة. وتشمل الفئة الثالثة تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير علاجية وتأهيلية، كالإقامة الجبرية، أو الخضوع للعلاج، أو المنع من ارتياد أماكن معينة، أو الالتزام بالحضور الدوري أمام السلطات.
أما الفئة الرابعة فتتمثل في الغرامة اليومية، حيث يحدد مبلغ مالي مقابل كل يوم حبس يستبدل، ويتراوح هذا المبلغ بين مئة وألفي درهم، وفقا للوضعية المالية للمحكوم عليه، وخطورة الجريمة، والضرر الذي تسببت فيه.
يمثل هذا التوجه تحولا نوعيا في السياسة العقابية، ويعكس إرادة حقيقية في بناء عدالة جنائية متوازنة، تراعي حقوق الأفراد وكرامتهم، وتسعى إلى إعادة إدماجهم في المجتمع بطرق فعالة ومستدامة.