منصة التاريخ تهتز: أزمة تسيير تعصف بفريق الرشاد البرنوصي

ع.مشواري

يعد نادي الرشاد البرنوصي واحدا من أعرق الأندية في تاريخ كرة القدم المغربية، فقد عاش هذا الفريق فترات مجد كبيرة وكان مثالا في الانضباط والعطاء داخل الميدان. كانت الجماهير تملأ المدرجات، تهتف باسمه وتفتخر بشعاره، فيما كانت نتائجه القوية تصنع له مكانة خاصة في قلوب محبيه. غير أن الصورة اليوم تبدو مختلفة تماما، إذ يعيش الفريق وضعا صعبا يطغى عليه التراجع الفني والاضطراب الإداري وسوء التسيير.

منذ مجيء الرئيس الحالي، بدأت الأصوات تتعالى داخل الأوساط البرنوصية، معتبرة أن النادي يعاني من ضعف في القيادة وغياب رؤية واضحة. فالفريق الذي كان ينافس بشراسة أصبح اليوم يكتفي بردود الفعل، خزائنه شبه فارغة، لاعبيه يفتقدون الحماس، والمدرب يعيش حالة من الارتباك المستمر، يغير الخطط أكثر مما يحقق الانتصارات. أما الجماهير، التي لم تفقد حبها للفريق، فقد فقدت جزءا من صبرها، إذ لم تعد تجد أملا في نهاية كل موسم سوى تجنب الأسوأ.

آخر فصول الأزمة تجلت في المباراة التي جمعت الرشاد البرنوصي بيوسفية برشيد، حيث ظهرت خلافات واضحة على دكة الاحتياط بين المدرب وأحد الإداريين بسبب تدخلات متكررة في قرارات التشكيلة. المشهد أثار استغراب الجميع، بعدما اضطر المدرب لمغادرة الدكة أمام أنظار الحاضرين، في صورة عكست حجم التوتر داخل أسوار النادي.

العديد من المتتبعين يعتبرون أن المشكلة أعمق من مجرد نتائج رياضية، إذ إن تركز الصلاحيات في يد شخص واحد يجمع بين مهام الرئيس والمدير التقني والمدير الرياضي يجعل الفريق يفتقر إلى التنظيم والمحاسبة. السيناريوهات تتكرر، والأخطاء نفسها تعاد، وكأن النادي عالق في حلقة مفرغة لا تنتهي. الجماهير بدأت تتساءل بمرارة: من يتحمل المسؤولية؟ المدرب الذي لا يملك صلاحياته الكاملة؟ أم من جاء به؟ أم الإدارة التي يبدو أنها فقدت بوصلة التسيير؟

الواقع أن الرشاد البرنوصي، الذي كان يوما ما مدرسة في الالتزام والروح الرياضية، يعيش اليوم أزمة هوية حقيقية. حتى شعاره الذي كان “ديما للأمام” أصبح يقال عنه بسخرية “اللهم السلامة من هذا الموسم”، في إشارة إلى الخوف من مزيد من الانهيار. ورغم ذلك، يبقى الأمل قائما في قلوب الجماهير الوفية التي لا تزال تؤمن بأن فريقها قادر على النهوض من جديد، شريطة أن تتحقق مصارحة ومحاسبة حقيقية داخل البيت البرنوصي، وأن تعود قيم الاحتراف والانضباط لتسود أجواء العمل.

فالعودة إلى المجد ليست حلما مستحيلا، لكنها تتطلب شجاعة في اتخاذ القرار، وإرادة في الإصلاح، وتغليب مصلحة النادي على المصالح الشخصية. الرشاد البرنوصي اسم كبير في تاريخ الكرة المغربية، ومن المؤسف أن يظل رهينة صراعات داخلية وسوء تدبير، بينما ينتظر أنصاره فقط لحظة استيقاظ تعيد للفريق مكانته بين الكبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى