مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد بالمغرب: إصلاحات مثيرة للجدل بين توسيع صلاحيات النيابة وتقييد دور المجتمع المدني

صادق مجلس النواب المغربي، مساء الثلاثاء، بالأغلبية على مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23، الذي قدمه وزير العدل عبد اللطيف وهبي، وذلك بعد نقاشات مطولة داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان. وقد تم التصويت بالموافقة من طرف 18 نائبا مقابل معارضة 7 نواب، دون تسجيل أي امتناع، ما يعكس تباينا واضحا في المواقف داخل اللجنة.

وأوضح وهبي أن المشروع يندرج ضمن مراجعة شاملة لمنظومة العدالة الجنائية، تهدف إلى ملاءمة القوانين الوطنية مع التطورات الدستورية والدولية، والاستجابة لمتطلبات المرحلة. وقد شمل التعديل أكثر من 420 مادة، بين تغيير وتتميم، وإضافة، ونسخ، وحذف.

اعتمد المشروع عددا من التعديلات البرلمانية، منها 43 تعديلا من الأغلبية، و42 من الفريق الاشتراكي، و28 من الفريق الحركي، إلى جانب تعديلات محدودة من فرق أخرى، فيما تم رفض العديد من المقترحات، خاصة تلك المرتبطة بدور المجتمع المدني وصلاحيات النيابة العامة.

وأثار المشروع جدلا واسعا، لا سيما بشأن المادة الثالثة، التي تمنع جمعيات المجتمع المدني من التقدم بشكايات في قضايا الفساد والمال العام، والمادة السابعة المتعلقة بتوسيع صلاحيات النيابة العامة. وأصر وهبي على رفض التعديلات المرتبطة بهاتين المادتين، مبررا ذلك بشكل مقتضب دون توضيحات معمقة.

من أبرز مستجدات المشروع تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، كتقييد الحراسة النظرية، وتوثيق التصريحات بالصوت والصورة، وتعليل قرارات الاعتقال الاحتياطي، وتمكين الموقوف من الاتصال بمحام منذ الساعة الأولى. كما شملت الإصلاحات آليات بديلة لتسوية النزاعات، وتوسيع صلاحيات النيابة في التحري الأولي، مع تعزيز حماية الضحايا ومحاكمة الأحداث بما يضمن مصلحتهم الفضلى.

وتضمن المشروع أيضا إجراءات جديدة لمكافحة الجريمة، كالسماح باستخدام تقنيات حديثة في البحث والتحري، وإجراء أبحاث مالية موازية، إضافة إلى إلزامية الفحص الطبي للموقوفين عند وجود مؤشرات على سوء المعاملة.

يهدف القانون إلى تبسيط الإجراءات الجنائية وتحديثها، وتعزيز استقلال النيابة العامة، وتحقيق التنسيق بين مختلف الفاعلين في العدالة. غير أن استمرار الجدل، خصوصا حول دور المجتمع المدني وصلاحيات النيابة، يشير إلى أن النقاش لم يحسم بعد، وقد يحتدم أكثر خلال مناقشته في الجلسة العامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى