محمد شروق… حين يتحول الألم إلى أمل

ع.مشواري
في عالم يطغى عليه صدى المعاناة من مرض السرطان، هناك من اختار أن يحول الألم إلى رسالة، واليأس إلى بصيص أمل يضيء دروب الآخرين. من قلب التجربة خرج صوت قوي، إنساني، وملهم، اختار أن يواجه “السرطان الجبان” لا بالاستسلام، بل بالمقاومة، والتحدي، وبصناعة الأمل. إنه محمد شروق، رئيس جمعية “نحن والسرطان لصنع الأمل”، الذي خاض معركته الخاصة مع هذا المرض، وانتصر عليه بإرادة لا تلين.

تجربة محمد شروق لم تكن مجرد مرحلة عابرة في حياته، بل كانت نقطة تحول كبرى، أعادت تشكيل رؤيته للعالم وللإنسان. لم يرد أن تظل قصته حبيسة الذكريات، فوثقها في كتابه المؤثر “نحن والسرطان”، الذي لم يكن مجرد كتاب، بل نافذة مفتوحة على عالم المرضى، يروي فيه رحلته بكل تفاصيلها، ويقدم شهادات حية عن الشجاعة، الصبر، والرجاء.
من رحم هذه التجربة، ولِدت فكرة الجمعية؛ مبادرة إنسانية نبيلة اختار من خلالها محمد شروق ومعه مجموعة من الناجين والداعمين، أن يقفوا إلى جانب كل من يواجه السرطان، ليكونوا مرآة للأمل، ودعامة نفسية وروحية للمريض وعائلته.
جمعية “نحن والسرطان لصنع الأمل” ليست مجرد تنظيم مدني، بل عائلة متماسكة، تعكس قيمة التضامن الإنساني الحقيقي. تسعى الجمعية إلى تقديم الدعم النفسي، المواكبة الميدانية، والتوجيه المعنوي، استنادا إلى تجارب واقعية عاشها أعضاؤها بأنفسهم. هؤلاء الذين يعرفون ألم المرض، يدركون أيضا قيمة الكلمة الطيبة، واليد الحانية، والمرافقة الصادقة في لحظات الانكسار.

وإن كان السرطان خصما شرسا، فإن الإيمان بالله، والثقة بالنفس، وروح التضامن، كانت ولا تزال سلاحا فعالا في مواجهته. وكما يردد مؤسس الجمعية دائما: “السرطان جبان، لكنه يصبح أقوى فقط حين نخاف منه. أما حين نواجهه… فإنه ينهار.”
كل ما تحققه الجمعية من إنجازات، وما تمنحه من أمل، هو ثمرة إيمان عميق بأن الحياة تستحق القتال، وأن الأمل دواء لا يكتب في وصفات طبية، بل يزرع في القلوب، وكل ذلك بفضل الله ورعايته أولا وأخيرا.