كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب، في افتتاح أشغال الدورة 83 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الافريقي

افتتح السيد راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، أشغال الدورة 83 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي، حيث رحب بالحضور وأكد على أهمية هذه الدورة في تعزيز التعاون البرلماني بين الدول الإفريقية.

كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب :

باسم  الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله  وآله وصحبه

السيد رئيس الاتحاد البرلماني الافريقي الزميل العزيز Ali Kolotou Tchaïmi

السيد رئيس مجلس المستشارين الأخ محمد ولد الرشيد،

السيد الأمين العام للاتحاد،

السيدات والسادة أعضاء اللجنة التنفيذية،

حضرات السيدات والسادة، 

نسعد مرة أخرى في مجلس النواب بالمملكة المغربية بأن نستقبلكم أشقاء وزملاء، وباحتضان أشغال الدورة 83 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الافريقي في أفق المؤتمر المقبل للاتحاد الذي ستحتضنه كينشاسا عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية في نهاية العام الجاري.

ولئن كانت اجتماعاتكم تكتسي طابعا مؤسساتيا، استعدادا للمؤتمر، فإنها لا تخلو من أهمية سياسية، ومن أبعاد تتجاوز ما هو تنظيمي صرف، إلى أنشطة الاتحاد خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين وإنضاج التوافق حول المحاور التي ستشكل موضوع مناقشات المؤتمر المقبل.

وأود بمناسبة هذا الاجتماع أن أجدد التهنئة للزميل Kolotou Tchaïmi Ali بمناسبة انتخابه رئيسا للاتحاد، وأثني على قيادته للاتحاد منذ فبراير الماضي، علما بأنني مقتنع بأن فترة رئاسته ستكون منتجة وذات مردودية مؤسساتية وسياسية. وأثني أيضا على أداء الأمانة العامة للاتحاد، وعلى رأسها السيد Idi Gado   Boubacarالأمين العام الذي يحرص، مع فريقه، على توفير ظروف وشروط اشتغال الاتحاد مشكلا بذلك دعامة أساسية لأعمال منظمتنا التي تعتبر من الهيئات القارية التي تمكنت لما يقرب من خمسين عاما من أن تظل إطارا إفريقيا للنقاش الحر والمستقل بين البرلمانيين الأفارقة. 

السيدين الرئيسين،

السيدات والسادة،

تنكب اللجنة التنفيذية في دورتها الثالثة والثمانين (83) على مدى يومين، على مناقشة أنشطة الاتحاد بين دورتي أكتوبر المنعقدة في انجمينا والدورة الحالية إلى جانب القضايا الحالية والتنظيمية واقتراح ما يمكن من إصلاحات لجعل الاتحاد يساير السياقات القارية والدولية.

وبالموازاة مع ذلك، ستشتغل اللجنة من باب التفكير والتيسير والإنضاج، على اقتراح المواضيع التي سيبحثها اتحادنا في مؤتمره المقبل في كنشاسا.

ولئن كانت التحديات التي تواجه قارتنا، والتي سبق أن ناقشناها في إطار هذا الاتحاد، وإطارات ومنتديات برلمانية أخرى تظل متسمة بالراهنية، فإن المواضيع المقترحة مبدئيا كمحاور لمؤتمر كينشاسا، تختزل رهاناتنا الجماعية، وتتوجه إلى جذور معضلات قارتنا.

فتعزيز السيادة الوطنية من أجل تنمية مستدامة في إفريقيا، يختزل إشكاليات كبرى هي في أصل عدد من النزاعات وعدم الاستقرار والمعاناة الإنسانية، وهي ترهن أساسا التنمية المستدامة، حلم وطموح الشعوب الإفريقية.

وإذا كانت السيادة الترابية، ووحدة التراب الوطني للدول، وعدم التدخل في شؤون الغير، شرطا سياسيا واستراتيجيا وحجر الزاوية في القانون الدولي، فإن السيادة الغذائية، والسيادة الطاقية، والسيادة الدوائية، والأمن الروحي لا تقل أهمية عن السيادة الترابية في السياق الدولي الراهن.

وبالتأكيد، فإن من مستلزمات الأمن والاستقرار باعتبارهما شرطين أوليين من أجل التنمية المستدامة، ترسيخ السيادة الوطنية للدول واحترامها وكفالة احترامها من طرف الجميع. فكم من نزاع مزمن داخلي وعابر للحدود ينخر الجسد الإفريقي، ويكبح التنمية، ويعدم الاستثمار، ويتسبب في مآسي إنسانية وفي موجات هجرات ولجوء ونزوح.

وتقتضي المسؤولية، واحترام الالتزامات والتعاقدات الدولية والأخلاق السياسية، وحسن الجوار، الحرص على احترام سيادة الدول. فما من دولة تقبل بالمس بسيادتها، فكيف لها أن تتجرأ على المس بسيادة الدول الأخرى.

السيدات والسادة،

حسنا فعلتم عندما أوردتم كاقتراح أولي في جدول أعمال المؤتمر المقبل الانتقال الطاقي في القارة، إذ يتعلق الأمر برهان آني ومستقبلي، يقع في صلب التنمية. وكما ذكرنا بذلك دائما، فإن إفريقيا تتوفر على إمكانيات هائلة لربح هذا الرهان. ولكن هذه الإمكانيات تحتاج إلى التكنولوجيا، والمهارات، والاستثمارات والاعتمادات المالية الضخمة. وما من شك في أن الترافع من أجل تيسير تحويل التكنولوجيا من البلدان التي تتوفر عليها، ونقل المهارات وتعزيز التكوين، والشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص القطري والأجنبي، وإقامة مشاريع مشتركة في المناطق الحدودية بين البلدان، سيمكن القارة من بلوغ حلم الاكتفاء الذاتي الطاقي وتعزيز استراتيجيات الاقتصاد الأخضر، وتمكين الإفريقيات والأفارقة من خدمة أساسية وضرورية.

وإذا كان الذكاء الاصطناعي واستعمالاته يشكل موضوع الساعة، وانشغالا مركزيا بالنسبة للحكومات والبرلمانات والجامعات والمقاولات والهيئات المدنية، فإن اقتراحه في جدول أعمال المؤتمر المقبل للاتحاد البرلماني الإفريقي، يعتبر اختيارا حكيما.

وينبغي لنا أن نتناول هذا الموضوع من ثلاث زوايا:

تتعلق الزاوية الأولى بالحرص الجماعي على ألا تضيع إفريقيا فرص تملك هذه التكنولوجيا، كما فرض عليها تضييع فرصة الثورة الصناعية والثورة المعلوماتية.

وتتعلق الثانية بالحكامة، وبالحرص الجماعي على أن تكون استعمالات الذكاء الاصطناعي خاضعة لضوابط المنفعة، والأخلاق واحترام الخصوصيات والثقافات القارية والحياة الشخصية.

وتتعلق الثالثة، بجعل هذا الموضوع، أي الذكاء الاصطناعي، واستنباته في التربة الإفريقية، موضوع ترافع جماعي من أجل تمكين قارتنا من الاستفادة من مكاسب المعارف والتقنيات العالمية في هذا المجال باعتبارها حصيلة ونتيجة مساهمات حضارية عديدة، حتى لا يتكرر سيناريو حرمان إفريقيا من الاختراعات الدوائية والتكنولوجية في مختلف القطاعات ومناحي الحياة.

وبقدر ما يجتهد اتحادنا، ويضع استراتيجيات العمل الواقعية القابلة للتحقق والتنفيذ، بقدر ما يعزز مكانته ومصداقيته في منظومة العمل الإفريقي المشترك. ولا نختلف، الزميلات والزملاء، في أن إفريقيا تحتاج من بين ما تحتاج في القضايا التي سيبحثها المؤتمر المقبل للاتحاد، إلى العمل وإلى إنجاز مشاريع مهيكلة وعابرة للحدود لجعلها جسور تواصل وتعاون وفضاءات ازدهار مشترك. 

وأغتنم هذه المناسبة لأذكر بأن المملكة المغربية تسعد باستقبالكم، تفخر بالمبادرات التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله لصالح التنمية الإفريقية العابرة للحدود والمتوجهة إلى المستقبل. ويتعلق الأمر بمسلسل البلدان الإفريقية الأطلسية، ومبادرة تمكين بلدان الساحل الإفريقية من الولوج إلى المحيط الأطلسي فضلا عن مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب الذي من المأمول أن تستفيد منه 13 دولة إفريقية، ويدخل في إطار السعي إلى توفير الأمن الطاقي بإفريقيا.

ويتعلق الأمر بمشاريع تدخل في إطار رؤية جلالته من أجل إفريقيا مزدهرة والشراكة جنوب-جنوب.

أجدد الترحيب بكم وأتمنى لأشغالكم كامل التوفيق والنجاح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى