في يوم الطفل الوطني… جمعيات حرفية تنشغل بالمصالح وتهمل الطفولة

ع.مشواري
في 25 ماي من كل سنة، يخلد المغرب اليوم الوطني للطفل، وهو مناسبة من المفترض أن تعيد الاعتبار لحقوق الطفولة، وتذكر الجميع بمسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية تجاه هذه الفئة الهشة. غير أن الواقع في ميادين عدة يظهر مفارقة صارخة بين ما يعلن من التزامات، وبين ما يمارس فعليا في حق الطفولة، خاصة في بعض القطاعات الحرفية التي تحولت إلى فضاءات للاستغلال بدل أن تكون فضاءات للتكوين والتنمية.
في هذا السياق، يطرح بإلحاح دور الجمعيات الحرفية التي يفترض فيها تأطير المهنة وتنظيم المجال. غير أن عددا منها بات ينشغل بتصفية أجندات خاصة، وتحقيق مكاسب مهنية أو سياسية، على حساب الالتزام بحماية الأطفال وحقوقهم. فبدل أن تشتغل هذه الجمعيات في إطار الشراكة مع المؤسسات الرقابية لضمان بيئة عمل آمنة، نجدها أحيانا توفر غطاء للاستغلال، عبر تبرير تشغيل القاصرين في الورشات تحت ذريعة “التكوين الحرفي التقليدي”.
الأكثر خطورة هو أن هذا الانشغال بالمصالح الضيقة، سواء المالية أو الانتخابية، يجعل من حماية الطفل قضية مؤجلة أو مهمشة. فلا يؤخذ بعين الاعتبار السن القانوني للعمل، ولا تحترم الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية منظمة العمل الدولية المتعلقة بمنع أسوأ أشكال عمل الأطفال. ويلاحظ أن الكثير من الأطفال يعملون في مهن تفوق طاقتهم الجسدية والعقلية، دون تأمين صحي، ودون إشراف تربوي أو قانوني.
تتحول بعض الورشات إلى بيئات خطرة تمارس فيها مهن البناء، الميكانيك، الحدادة، والنجارة، من طرف أطفال قدر لهم أن يكونوا في مقاعد الدراسة لا تحت وطأة المطرقة والآلة. ويحدث ذلك في غياب واضح لأي تدخل رادع أو رقابة فعالة، وسط صمت بعض الجمعيات التي تفضل الحفاظ على نفوذها المهني أو السياسي، بدل أن تكون طرفا مدافعا عن العدالة الاجتماعية وحقوق الطفل.
إن الاحتفاء باليوم الوطني للطفل لا معنى له إذا لم يرافقه وعي جماعي بمخاطر استغلال الطفولة، ومساءلة صارمة لكل جهة تهمل مسؤوليتها أو تتواطأ، بشكل مباشر أو غير مباشر، في انتهاك الحقوق الأساسية للأطفال. فحماية الطفولة ليست شعارا ولا ترفا سياسيا، بل مسؤولية وطنية جماعية، تبدأ من محاربة الاستغلال المقنع، وتنتهي بتوفير بيئة حقيقية تضمن للطفل المغربي الحق في التعليم، والأمان، والكرامة.