فاس تتحول: استثمارات ضخمة لتوديع فوضى النقل

في خطوة استراتيجية تهدف إلى تطوير منظومة النقل الحضري بمدينة فاس، أعلنت السلطات المحلية عن إطلاق مشروع ضخم يتمثل في تأسيس “شركة التنمية المحلية فاس للنقل والتنقل”، برأسمال أولي قدره 5 ملايين درهم، وبرنامج استثماري يصل إلى 566 مليون درهم خلال الفترة الممتدة من 2025 إلى 2035.
وسيتم إنشاء الشركة بمساهمة جماعة فاس بنسبة 89.99%، إلى جانب ولاية جهة فاس-مكناس، وجماعات المشور فاس، وأولاد الطيب، وسيدي حرازم، وعين البيضاء. ويهدف المشروع إلى مواكبة النمو الديمغرافي المتسارع، حيث يرتقب أن يتجاوز عدد سكان المدينة 1.36 مليون نسمة بحلول عام 2030.
وتشير الدراسات إلى أن النقل العمومي في المدينة يعاني من ضعف كبير، حيث لا يتجاوز عدد الحافلات 100 حافلة، وهو رقم غير كاف لتلبية حاجيات ساكنة بهذا الحجم. ولمعالجة هذا الوضع، تخطط الشركة لاقتناء 250 حافلة جديدة، وإنشاء نظام إلكتروني للأداء، وبناء مركز صيانة متطور، وتطوير خطين لحافلات ذات مستوى عالٍ من الخدمة (BHNS)، ضمن مشاريع مهيكلة تهدف إلى تحسين جودة النقل.
وسيمول المشروع جزئيا عبر دعم من الدولة في إطار صندوق إصلاح النقل الطرقي الحضري، انسجاما مع النموذج الوطني الجديد للتنقل. ووفق التوقعات المالية، ستحقق الشركة مداخيل تصل إلى 96.1 مليون درهم خلال عشر سنوات، منها 79.5% من أنشطة المراقبة و20.5% من دعم الجماعات.
ويتوقع أن يرتفع عدد المسافرين من 82 مليون سنة 2025 إلى أكثر من 113 مليون بحلول 2035، مع تعريفة متوسطة تبلغ 4 دراهم للرحلة. وقدرت التكاليف التشغيلية بنحو 41.6 مليون درهم، يخصص أغلبها لأجور الموظفين.
ومن المرتقب أن يساهم المشروع في تحويل قرابة 178 ألف تنقل يومي من السيارات الخاصة إلى وسائل النقل العمومي في أفق 2036، تماشيا مع استعدادات المدينة لاحتضان تظاهرات كبرى ككأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.
وتشير دراسة الجدوى إلى أن المشروع سيتسم بالاستدامة المالية، بمعدل تغطية للتكاليف يبلغ 231%، وتوقعات بتحقيق خزينة تراكمية تبلغ 86.6 مليون درهم بحلول 2034.
يمثل هذا المشروع نقلة نوعية لفاس، ويؤسس لتحول حقيقي نحو تنقل حضري ذكي ومستدام، على غرار كبريات المدن المغربية.