طيح البقرة يقواو الجناوة… حين تختلط الرياضة بالسياسة: قراءة في حدود التأثير ومسؤولية الفاعلين

ع.مشواري

أثار المقال المنشور مؤخرا بشأن الوضع الداخلي لنادي الرشاد البرنوصي نقاشا واسعا داخل الأوساط الرياضية والمحلية، وذلك على خلفية المعطيات المتداولة حول الاستقالات داخل المكتب المسير، وتراجع النتائج التقنية، وما يروج عن خلافات تنظيمية تؤثر على سير هذا النادي العريق.

ورغم أن الأزمات تعد جزءا من المسار الطبيعي لأي مؤسسة رياضية، فإن تداول هذه المواضيع في هذا التوقيت يطرح أسئلة حول دوافعها وحدود تناولها. فهل يقصد من ذلك نقد بناء يهدف إلى مصلحة النادي؟ أم أننا أمام استخدام إعلامي أو رقمي ظرفي يهدف بعض الأطراف من خلاله إلى التأثير على الرأي العام المحلي لأغراض غير رياضية؟ من هنا تبرز الحاجة إلى قراءة هذه الأحداث بحيادية، بعيدا عن أي توظيف سياسي قد يضر بمصلحة النادي.

إن الخلط بين الشأن الرياضي والاصطفاف السياسي ينعكس سلبا على صورة الرشاد البرنوصي، ويبخس تاريخه وتراكماته. وبصفتي متابعا للشأن الرياضي، أؤكد أن الهدف ليس الانحياز لطرف دون آخر، بل الدعوة إلى احترام مبدأ استقلالية الهيئات الرياضية، كما تؤطره النصوص القانونية ذات الصلة، ولا سيما المقتضيات المتعلقة بالحكامة الجيدة وتضارب المصالح داخل الجمعيات.

وقد بات واضحا أن بعض الفاعلين يوظفون المنصات الرقمية لإنتاج محتوى موجه سياسيا، بما يشبه “جيوشا إلكترونية” تهدف إلى صناعة رأي عام يخدم مصالح محددة. وهذه الممارسات، بغض النظر عن مصدرها، تسيء إلى المناخ الديمقراطي وتهدد الاستقرار الإداري والتنظيمي للمؤسسة الرياضية.

إن ازدواجية الأدوار وتجميع المناصب واستغلال أزمات النادي لتحقيق مكاسب سياسية، كلها ممارسات تتعارض مع روح القانون ومع مبادئ العمل الجمعوي السليم. ولا يتعلق الأمر باستهداف أشخاص بعينهم، بل بضرورة حماية النادي من أي توظيف يتجاوز أهدافه الرياضية.

وإذا لم تعالج الاختلالات الحالية وفق مقاربة تشاركية ومسؤولة، فإن تداعياتها قد تمتد لتطال المجالين الرياضي والسياسي معا. وهو ما يجعل من الضروري إعادة ترتيب البيت الداخلي، وتفعيل آليات الشفافية، وتجديد التدبير الإداري والفني، وتحسين قنوات التواصل مع المنخرطين والجمهور.

إن الرشاد البرنوصي، بما يمثله من قيمة تاريخية ورمزية داخل المنطقة، يستحق قراءة رصينة وبعيدة عن منطق الحملات الموسمية، لضمان مسار سليم يخدم الرياضة قبل أي اعتبار آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى