صرخة من الهامش: مأساة أم ورضيعها تهز الدار البيضاء

في مشهد مأساوي هز مشاعر ساكنة سيدي البرنوصي بمدينة الدار البيضاء، عثر صباح اليوم على سيدة متشردة ورضيعها جثتين هامدتين بالقرب من مبنى مهجور، في واقعة ترجح المعطيات الأولية أنها نتيجة جريمة قتل بشعة. آثار الاعتداء على الجثتين توحي بأن الوفاة لم تكن طبيعية، وقد باشرت المصالح المختصة التحقيق في ظروف وملابسات هذا الحادث المروع، في انتظار نتائج التشريح الطبي لتحديد أسباب الوفاة بدقة.

هذه الفاجعة لا تكشف فقط عن فعل عنيف محتمل، بل تفضح واقع الإهمال الاجتماعي والتخلي المؤسساتي عن فئات تعيش في أقصى درجات الهشاشة. كيف تعيش نساء وأطفال في الشوارع دون مأوى، دون حماية، في قلب واحدة من كبريات مدن المغرب؟ مشهد أم ورضيعها يفترشان الأرض وينتهيان بهذا الشكل التراجيدي ليس مجرد حادث عابر، بل صرخة دامية في وجه مجتمع سمح بصمت طويل لهذه المآسي أن تتكرر.

كما يطرح بحدة سؤال دور الجهات المنتخبة والمسؤولة عن تدبير الشأن المحلي، إذ بات لزاما عليها أن تفتح عينيها على مثل هذه الأماكن المهجورة التي تحولت إلى بؤر خطر تهدد سلامة وأمن الفئات الضعيفة. غياب الرؤية المجالية، وسوء تدبير المجال الحضري، والتقصير في حماية الساكنة الهشة، كلها عوامل تخلق مناخا خصبا لمثل هذه الكوارث الإنسانية.

إن بقاء الأمهات وأطفالهن في الشارع، دون رعاية أو تدخل استباقي، هو فشل جماعي لا يخص جهة واحدة، بل يعكس ثغرة عميقة في المنظومة الاجتماعية ككل. المطلوب اليوم ليس فقط التعامل مع الحادث بوصفه مأساة آنية، بل كنداء للتفكير في حلول مستدامة، تضع كرامة الإنسان في صلب الأولويات.

إن حماية الأرواح لا تبدأ من لحظة وقوع الجريمة، بل من السياسات الوقائية، ومن التزام حقيقي بخدمة الإنسان، أيا كانت وضعيته. ولن يكون لهذا الوطن وجه إنساني حقيقي، ما لم يجد أبناؤه الهامشيون من يمد لهم اليد قبل أن تبتلعهم العزلة… والموت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى