سيدي البرنوصي بين فضائح التسيير وصفقة الصلح الغامضة

ع.مشواري

شهد أحد البرامج المباشرة نقاشا محتدما حول الوضع السياسي والإداري بمقاطعة سيدي البرنوصي، بعد استضافة النائب الأول لرئيس المقاطعة الذي تحول اسمه في السنوات الأخيرة إلى رمز مثير للجدل، ووصفت تجربته بما يشبه “السلم السياسي الهش”.

على مدى سنتين، حرص النائب على الظهور الميداني بشكل مباشر، مقدما نفسه في صورة “المراقب العام” من خلال خرجات إعلامية يزعم فيها فضح خروقات وملفات فساد داخل المقاطعة، مؤكدا امتلاكه وثائق تثبت تلك الاختلالات. كما رفع شكايات متكررة إلى الجهات المعنية من دون أن تسفر عن نتائج ملموسة. ورغم محاولات عديدة لثنيه عن الاستمرار في هذه التحركات، حتى من داخل حزبه، ظل مصرا على مواقفه، ما زاد المشهد السياسي بالمنطقة تعقيدا، خاصة مع تضامن بعض المستشارين معه.

كان النائب يقدم في فيديوهاته دفاتر تحملات وأرقاما وبيانات حول صفقات عمومية وصفها بالمليئة بالاختلالات، بدءا من مشاريع تعبيد الطرقات وصولا إلى تهيئة الأرصفة والزليج. غير أن هذا الزخم توقف بشكل مفاجئ خلال دورة 19 شتنبر الأخيرة، حين ظهر النائب إلى جانب الرئيس فوق المنصة، في مشهد صدم المتتبعين وأثار استغراب المستشارين الذين ساندوه طويلا، لتطفو على السطح أسئلة عريضة: كيف وقع هذا التصالح بعد صراع طويل؟ ومن يقف وراء هذا السلم السياسي المباغت؟

النائب كشف خلال البرنامج أن القيادي بحزب الأصالة والمعاصرة، هشام الصابري، كان وراء إقناعه بالصلح “من أجل مصلحة المنطقة”. لكن التساؤل ظل مطروحا: لماذا رفض النائب كل محاولات الصلح السابقة سواء من حزبه أو من فعاليات محلية، بينما قبل بهذا التدخل الوزاري تحديدا؟

وعندما واجهه الصحفيون بأسئلة مباشرة حول خلفيات الصلح، لجأ إلى أجوبة متشعبة بعيدة عن صلب الموضوع؛ تحدث عن البناء التنظيمي للدار البيضاء، وعن الفقه القانوني، ومراحل مساره السياسي، ومبدأ الشورى في الإسلام، وحتى عن مواقف الدول العربية من حرب العراق وإيران، من دون أن يقدم توضيحا صريحا بخصوص حيثيات التصالح.

في المقابل، وصف المستشار عبد العزيز لوباتي هذه الخطوة بأنها فردية يتحمل النائب مسؤوليتها كاملة، مؤكدا أنه كان من الأجدر به استشارة زملائه قبل اتخاذها. أما رئيس المقاطعة فاعتبر أن النائب لم يمنع يوما من حضور الدورات، مشددا على أنه يسعى إلى لم الشمل بحسن نية، لكنه دعا في الوقت ذاته إلى ضرورة إصدار بيان رسمي من طرف النائب لتوضيح الأمر للرأي العام.

الشارع البرنوصي لم يبق صامتا أمام هذه التحولات؛ فهناك من اعتبر أن خرجات النائب السابقة أساءت لمجهودات المجلس الحالي وطالب باستقالته، فيما أكد آخرون وجود إنجازات ملموسة رغم غيابه. أما فئة ثالثة فظلت تتساءل عن وضعه الحزبي الراهن وعن حقيقة العرض الذي تلقاه، ولماذا اختار أن يطل هذه المرة عبر موقع إلكتروني بدل وسائل التواصل الاجتماعي التي اعتاد استعمالها.

وبين مشاهد فضح الفساد في الأمس وهدنة التصالح في اليوم، يظل المشهد بسيدي البرنوصي غامضا، والأسئلة المعلقة أكثر من الأجوبة. الرأي العام المحلي يترقب البيان الذي وعد به النائب الأول، عله يبدد شيئا من الضبابية التي تلف هذا “السلم السياسي الهش”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى