رسالة تقنية من الإطار الإدريسي إلى فوزي لقجع

بعد هزيمة المنتخب المغربي للشبان في مباراة نهائي كأس إفريقيا أمام جنوب إفريقيا، بعث الإطار الوطني محمد الإدريسي، برسالة تقنية إلى رئيس الجامعة فوزي لقجع بخصوص مفاتيح المباريات النهائية.

وفي ما يلي نص الرسالة:

إلى السيد فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم،

الموضوع: اقتراح مفاتيح الفوز في النهائيات: دعوة لاعتماد مقاربة تحليلية وتكتيكية في تدبير المباريات الحاسمة

عندما يحين وقت الحديث عن مفاتيح الفوز في المباراة النهائية، لا بد أن نستحضر حقيقة جوهرية: النهائي ليس مجرد مباراة، بل هو معركة حقيقية. والتحضير للمعركة لا يُبنى على معطيات يعرفها الجميع، بل على مفاتيح دقيقة ومحددة، تتطلب حكمة التخطيط ودهاء التنفيذ.

في مثل هذه اللحظات الفاصلة، لا يُستحسن أن تُظهر قوتك مباشرة، خاصة حين لا تكون على دراية تامة بقوة خصمك. ولا يجوز دخول ساحة المواجهة من دون قراءة شاملة لطبيعة الميدان، كما لا ينبغي خوض المباراة دون امتلاك القدرة على تنظيم الزمن والتحكم في الإيقاع والأحداث.

القاعدة الذهبية هنا هي أن توزيع المجهودات على مدار شوطي المباراة يجب أن يكون مبنيًا على نوعية الأدوات والسلاح الذي ستُشهره في كل مرحلة. وإن استخدمت سلاحك، فيجب أن يكون فعالًا ومجربًا، لا مجرد وسيلة للتجريب أو المجازفة. فإن لم تكن بين يديك تقارير حساسة ودقيقة عن الخصم، تكشف لك مواطن قوته ونقاط ضعفه، فعلى الأقل ينبغي أن تمتلك القدرة على تحليل مجريات اللقاء بسرعة، واستنتاج المعطيات من خلال حسّ كروي وذكاء ميداني متقدم. ولتحقيق ذلك، أنت في حاجة إلى عناصر قادرة على فك شيفرات الخصم داخل أرضية الملعب.

ما شاهدته في مباراة المنتخب المغربي لأقل من عشرين سنة أمام منتخب جنوب إفريقيا، وبكل صراحة، يحتاج إلى مستوى جمع البيانات التدقيق واستعراض المفاتيح بسرعة. المنتخب دخل المباراة متسلحًا بتقارير وخطط تقليدية، في حين أن مثل هذه المواجهات تتطلب أكثر من تمركز جيد وسرعة في الأداء. المباراة النهائية لا تُحسم بخطة متقنة أو لاعبين موهوبين فقط، بل تُحسم بالمعلومة الدقيقة، بالتحليل اللحظي، وباتخاذ القرار في الوقت المناسب.

لقد تغيّر الزمن؛ لم تعد الخطة التكتيكية وحدها تكفي لتحقيق الانتصار، ولم تعد أسماء اللاعبين تضمن النتيجة. ما تحدثتُ عنه آنفًا هو مجرد مقدّمة لمنهجية متكاملة تقود إلى الفوز في النهائيات. فالنصر اليوم لا يُبنى على إظهار القوة، بل يبدأ من فهم الزمن، وتحليل الخصم، واستعمال الذكاء قبل استخدام السلاح.

وأؤمن – بكل يقين – أن هذه هي الرؤية التي ينبغي اعتمادها، السيد لقجع، إذا كنا حقًا نرغب في تحويل الأداء الجيد إلى إنجازات ملموسة وألقاب تُفرح الشعب المغربي.

ولا يفوتني أن أؤكد: لا أنكر جودة المنتخب، ولا أنفي حضور الأبعاد التكتيكية، ولا أغفل عن جهودكم الكبيرة والمقدّرة في تطوير الكرة الوطنية، وهي محل احترام وتقدير. لكن، وبصدق، لا يزال النهائي يشكل عقدة أمام منتخباتنا الوطنية، نتيجة غياب آليات الحسم ومفاتيح الانتصار.

مع خالص التقدير والاحترام،

سيمو الادريسي

محمد الإدريسي: مدرب ومكون للاعبين ومطور للمعلومة وباحث وحاصل على عدة شواهد في مجال الرياضة كرة القدم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى