خذوا السياسة واتركوا لنا الرياضة: نداء من قلب نادي الرشاد البرنوصي

ع.مشواري
في زمن أصبحت فيه السياسة تتسلل إلى كل مجالات الحياة، يبقى نادي الرشاد البرنوصي عنوانا لصمود الرياضة النقية التي لا تبحث عن منصب أو مكسب، بل عن شرف المنافسة ومتعة اللعب. هذا النادي العريق الذي تأسس سنة 1961 بحي البرنوصي في الدار البيضاء، كان عبر تاريخه مدرسة للتكوين والانضباط، وأنجب أسماء كبيرة لمعت في سماء كرة القدم الوطنية. عرف النادي أوج عطائه حين صعد إلى القسم الأول سنة 1991، وبلغ نهائي كأس العرش سنة 2007 وهو في القسم الثاني، في إنجاز لا يزال محفورا في ذاكرة الجماهير المغربية التي لطالما احترمت الرشاد كفريق متواضع في الإمكانيات، كبير في الروح والعطاء.
لكن الواقع اليوم لم يعد كما كان بالأمس، فالنادي يعيش وضعا صعبا تتداخل فيه الحسابات وتختلط فيه النوايا. كثرت العزائم والاجتماعات والوعود، لكن النتائج ظلت غائبة، والمدرسة التي كانت يوما مفخرة البرنوصي لم تعد تنجب المواهب كما في السابق. لقد ابتعد النادي عن مساره الرياضي، وأصبح في بعض الأحيان ساحة لمناورات لا علاقة لها بكرة القدم. من هنا كان لا بد أن نرفع الصوت ونقولها بصراحة: خذوا السياسة واتركوا لنا الرياضة.
الفريق ليس ملكا لشخص أو لعائلة بعينها، بل هو ملك للـبرانصة جميعا، لأبناء الحي الذين صنعوا تاريخه بعرقهم وحبهم ووفائهم. هو رمز للانتماء الشعبي قبل أن يكون مؤسسة رياضية. فالقوة الحقيقية للرشاد البرنوصي كانت دائما في جمهوره، في أولئك الذين دعموا الفريق من مدرجات بسيطة، وآمنوا بأن كرة القدم يمكن أن تكون مدرسة للأخلاق والطموح. جماهير البرنوصي لا تطلب سوى أن يحترم هذا الإرث، وأن يعاد الاعتبار للفريق من خلال عمل رياضي صادق، يضع مصلحة النادي فوق كل اعتبار، ويمنح أبناء المنطقة فرصة تمثيل ألوانهم بكرامة واعتزاز.
نادي الرشاد البرنوصي لم يكن يوما فريقا عاديا، بل مدرسة في الروح والانتماء. جمهور البرنوصي العريق يستحق إدارة واعية تعيد للنادي هيبته، وترجع للميدان بريقه، بعيدا عن أي توظيف سياسي أو شخصي. فالرياضة رسالة نبيلة تقوم على العمل والانضباط والتفاني، لا على الولاءات والمجاملات.
إن ما يريده المشجع البسيط في البرنوصي ليس حضور عزيمة أو سماع وعود، بل رؤية فريقه ينتصر، يرى أبناء الحي يتدرجون من الفئات الصغرى إلى الفريق الأول، ويرى اسم الرشاد البرنوصي يعود إلى المكانة التي عرف بها: منارة للتكوين ومصدر فخر للدار البيضاء والمغرب بأكمله.
فلنجمع جميعا على أن الرياضة يجب أن تبقى رياضة، وأن الملعب ليس منبرا للسياسة ولا وسيلة للتلميع الشخصي. فليترك الرشاد لأبنائه الحقيقيين، للمدربين، للاعبين، للجماهير، ولأولئك الذين يزرعون الحب والانتماء دون انتظار مقابل. لأن الرياضة تبقى دائما لغة الصدق، وصوت الشارع النقي، وصورة الحلم المغربي الذي لا يموت.
خذوا السياسة واتركوا لنا الرياضة، فالميدان لا يحتمل إلا اللعب النظيف، والعمل الجاد، والنية الصافية.





