تحول موازين القوى في شمال إفريقيا: النكسات الدبلوماسية الجزائرية وصعود المغرب

خلال أقل من شهرين، شهدت الجزائر خسائر دبلوماسية كبيرة، تجسدت في سحب خمس دول من أمريكا الجنوبية وإفريقيا اعترافها بـ”جمهورية الوهم”، ما يعد ضربة قاسية لجهود استمرت لعقود لدعم جبهة البوليساريو الانفصالية.
أفاد الناشط السياسي والإعلامي الجزائري سعيد بنسديرة بأن الجزائر، خلال حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، خصصت موارد هائلة لدعم البوليساريو، حيث استثمرت مليارات الدولارات لتعزيز الاعتراف الدولي بالجبهة الانفصالية.
على مدى عشرين عاما، ركزت الجزائر على توسيع دائرة حلفائها في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، من خلال تقديم دعم مالي وسياسي كبير. إلا أن هذه الجهود تبددت في فترة قصيرة، حيث خسرت الجزائر دعم العديد من الدول التي كانت تعتبر حليفة.

وفي تطور بارز، قررت ثلاث دول من أمريكا الجنوبية وغانا، بالإضافة إلى دولة إفريقية أخرى، سحب اعترافها بـ”جمهورية البوليساريو”. هذا التحول يعكس تغيرا في التوازنات الدولية، وفشل السياسات التي اعتمدتها الجزائر لشراء الدعم عبر تقديم الرشاوى والامتيازات.
لم تقتصر الهزائم الجزائرية على ملف الصحراء المغربية، بل امتدت إلى أزمات إقليمية في مالي، النيجر، وليبيا، حيث فشلت الجزائر في تحقيق مصالحها أو تعزيز نفوذها، ما أضعف مكانتها الإقليمية بشكل واضح.
في المقابل، نجح المغرب في تحقيق مكاسب دبلوماسية ملحوظة في قضية الصحراء المغربية، إذ ارتفع عدد الدول المؤيدة لمغربية الصحراء، وافتتحت قنصليات في مدن مثل العيون والداخلة. هذا النجاح يعكس فاعلية الدبلوماسية المغربية التي عززت موقف المملكة كقوة إقليمية بارزة.

ومع تراجع الدعم لجبهة البوليساريو، تجد الجزائر نفسها في عزلة دبلوماسية قد تؤدي إلى تفاقم أزماتها الاقتصادية والاجتماعية. ويتوقع مراقبون أن تصبح الجزائر من بين الدول القليلة التي لا تزال تعترف بـ”جمهورية الوهم”، ما يزيد من عزلتها الدولية ويعمق مشكلاتها الداخلية.
وعلى النقيض، يواصل المغرب تعزيز موقعه كقوة إقليمية ودولة مستقرة سياسيا واقتصاديا، مع زيادة دعم القوى الكبرى لموقفه بشأن الصحراء المغربية.
فهناك انتكاسات كبيرة تواجهها الجزائر على الصعيدين الإقليمي والدولي، بينما يحقق المغرب نجاحات متواصلة في تعزيز سيادته ووحدته الترابية. هذا التحول في موازين القوى يؤكد تزايد الدعم الدولي للموقف المغربي، ويبرز دور الدبلوماسية الفعالة في تحقيق المصالح الوطنية.