المغرب يخطو بثبات نحو عدالة رقمية: أول جلسة قضائية إلكترونية بالكامل بالمحكمة الابتدائية بالرباط

في خطوة نوعية تعكس تسارع جهود تحديث ورقمنة منظومة العدالة بالمغرب، شهدت المحكمة الابتدائية بالرباط انعقاد أول جلسة قضائية رقمية بالكامل، بالاعتماد على الملفات الإلكترونية عوضا عن الوثائق الورقية التقليدية، في سابقة تعد الأولى من نوعها على مستوى محاكم المملكة.
وأكد رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط، خالد خلقي، أن هذه الجلسة الرقمية جاءت ثمرة مسار طويل من التجارب والتطوير، إلى أن وصلت المحاكم إلى مرحلة الرقمنة الشاملة بمفهومها الدقيق. وأوضح أن الانطلاقة كانت عبر تحديث “المكاتب الأمامية” (Front Office)، بهدف رقمنة مختلف الإجراءات والملفات القضائية وربطها بالأنظمة الرقمية المعتمدة.
وأضاف خلقي أن المتقاضين والمحامين أصبح بإمكانهم التوصل بوصلة تتضمن رقم الملف وتاريخ الجلسة واسم المقرر القضائي، مباشرة بعد تقديم المقال الافتتاحي إلى مصلحة المحاسبة بالمحكمة، إلى جانب الاستدعاءات التي يتكلف بها المفوض القضائي.
وأشار المتحدث إلى أن ورش الرقمنة بدأ عبر عملية المسح الضوئي للملفات، ليشمل في البداية قضايا القرب، ثم جلسات المسؤولية التقصيرية والاجتماعية، قبل أن يبلغ مرحلته المتقدمة من خلال جلسة الإكرية التي ترأستها القاضية نعيمة ختو، والتي اعتبرت أول تطبيق عملي مكتمل لهذه التجربة الرقمية.
وأوضح رئيس المحكمة أن هذا المشروع يأتي ضمن مسار الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة الذي تبنته وزارة العدل خلال السنوات الأخيرة، ويعد أحد أهم محاور المخطط الاستراتيجي للسلطة القضائية، ولا سيما في ما يتعلق بتحديث الإدارة القضائية ورقمنتها.
ولفت خلقي إلى أن بوادر المحاكمات الرقمية ظهرت خلال فترة جائحة كورونا، غير أن الجلسة الحالية تمثل نموذجا متكاملا لتطبيقات العدالة الرقمية وفق المعايير التي وضعتها وزارة العدل، بما في ذلك اعتماد برنامج “ساج دو مدني”.
وشدد على أن الرقمنة تمثل مكسبا كبيرا للمتقاضين، إذ تساهم في تقريب العدالة منهم بشكل شفاف وديمقراطي، وتخفف أعباء التنقل والتكاليف المادية، فضلا عن تعزيز الأمن القضائي وحماية حقوق الأطراف من أي تدخل غير مشروع. وأضاف أن شعار المرحلة هو “القضاء في خدمة المواطن”.
واختتم خلقي بأن تزامن انعقاد هذه الجلسة الرقمية مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان يعكس التزام المغرب بمبدأ الولوج العادل والمنصف إلى العدالة، وجعلها أكثر فعالية وشفافية لجميع المواطنين.





