المغرب وتعزيز التعاون الأمني الدولي: شريك موثوق في مواجهة التهديدات العابرة للحدود

تكشف المعطيات أن المغرب رسخ خلال السنوات الأخيرة موقعه كفاعل أساسي في مجال التعاون الأمني الدولي، إدراكا منه أن التحديات الأمنية المعاصرة ـ من إرهاب وجريمة منظمة وهجرة غير نظامية ـ لا يمكن مواجهتها بقدرات وطنية معزولة، بل عبر شراكات قائمة على الثقة وتبادل الخبرات.
منذ سنة 2015، ومع تولي عبد اللطيف الحموشي قيادة الأمن الوطني والاستخبارات الداخلية، تبنى المغرب سياسة أمنية منفتحة على التعاون الدولي، مكنت من توسيع شبكة الشركاء التقليديين (إسبانيا، فرنسا، الولايات المتحدة) لتشمل الاتحاد الأوروبي، دولا عربية كالإمارات والسعودية، إضافة إلى شراكات إفريقية وأطلسية. وقد أسفر هذا التوجه عن نتائج ملموسة، حيث عالجت الأجهزة المغربية سنة 2024 أزيد من 6.800 طلب تعاون أمني دولي، واعتقلت 135 مطلوبا عالميا.
ولا يقتصر هذا التعاون على تبادل المعلومات، بل يمتد إلى مجالات التكوين والتأهيل الشرطي، حيث نظم المغرب عشرات الدورات لفائدة ضباط من دول الساحل، وأسس المركز العالي للتكوين الشرطي بإفران ليصبح منصة إقليمية للشراكة جنوب-جنوب. كما ساهم في صياغة الاستراتيجيات الدولية لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
على المستوى الدبلوماسي، احتضنت طنجة مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب سنة 2023، وانتخب ممثل المغرب نائبا لرئيس الإنتربول عن إفريقيا سنة 2024، ويجري التحضير لاحتضان الجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية في مراكش.
أما على مستوى الشراكات الثنائية، فقد عزز المغرب تعاونه مع إسبانيا في قضايا الهجرة والتهريب البحري، ومع فرنسا في مكافحة الإرهاب وتأمين أولمبياد باريس 2024، ومع الولايات المتحدة في محاربة التطرف والأمن السيبراني والتحقيقات المالية. كما انفتح على أمريكا اللاتينية لمكافحة شبكات المخدرات العابرة للأطلسي.
هذا التوجه يعكس رؤية استراتيجية تجعل من الأمن رافعة للدبلوماسية والتنمية، حيث لم يعد المغرب متلقيا للخبرة الأمنية فحسب، بل أصبح مصدرا لها، وشريكا موثوقا في هندسة السياسات الأمنية الإقليمية والدولية.