القضاء المغربي يكرس الاعتماد على كاميرات المراقبة كدليل في حوادث المرور

شرعت مصالح شرطة المرور في اعتماد تسجيلات الكاميرات المثبتة بالمدارات والإشارات الضوئية لتوثيق ظروف حوادث السير وتحديد المسؤوليات بدقة، في خطوة اعتبرها مراقبون تحولا مهما نحو تعزيز الشفافية وتحقيق العدالة في الأبحاث المتعلقة بحوادث المرور.

وأكد حكم قضائي حديث أهمية هذه الخطوة من خلال حادثة سير وقعت بمدينة الدار البيضاء بين سائق دراجة نارية وسائق سيارة، حيث أثبتت التسجيلات أن سائق الدراجة لم يحترم الوقوف عند الإشارة الضوئية الحمراء، مما تسبب في وقوع الاصطدام.

وجاء في نص الحكم أن التنسيق مع مصلحة المعلوميات والاتصال أتاح الاطلاع على تسجيل الكاميرا المثبتة بمدارة “الغول”، حيث أظهرت اللقطات أن سائق الدراجة كان قادما عبر شارع الزرقطوني من جهة مدارة عبد المومن في اتجاه مدارة الإصلاحية، وفي تلك اللحظة اصطدم بسيارة كانت قادمة من جهة مدارة لبنان بعد انطلاقها فور تغير الإشارة إلى اللون الأخضر.

ويحدد المشرع المغربي مجموعة من الوسائل التي تعتمد لإثبات وقوع الحوادث وتحديد المسؤوليات، أولها المعاينة الميدانية التي تقوم بها السلطات المختصة، كعناصر الشرطة أو الدرك الملكي، حيث يحرَر محضر رسمي يتضمن وصفا دقيقا لمكان الحادث ووضعية المركبات وآثار الفرملة والأضرار المادية والبشرية، ويعد هذا المحضر وثيقة رسمية ذات قوة إثباتية أمام القضاء.

كما تعتبر شهادات الشهود وسيلة مساعدة لتوضيح ملابسات الحادث، إلى جانب الخبرة التقنية التي ينجزها مختص لتحديد سبب الحادث ومدى مسؤولية الأطراف المعنية أو العوامل الميكانيكية المؤثرة.

غير أن هذه الوسائل التقليدية كانت تثير أحيانا إشكالات بسبب تدخل العنصر البشري وما يرافقه من سلطة تقديرية في التقييم، الأمر الذي دفع المشرع إلى توسيع دائرة الإثبات باعتماد الصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو كأدلة حديثة، خصوصا مع انتشار كاميرات المراقبة وكاميرات الهواتف المحمولة.

ويعد الاعتماد على الكاميرات المثبتة بالمدارات والإشارات الضوئية سابقة قضائية مهمة يمكن أن تتحول إلى قاعدة عمل جديدة، تضع بين يدي القضاء أدلة رقمية دقيقة وملموسة، يصعب دحضها، وتساهم في ترسيخ مبدأ المحاسبة، فضلا عن تشجيع السائقين على التحلي بمزيد من الانتباه والحذر أثناء القيادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى