التناقضات في مجلس مقاطعة سيدي البرنوصي: صراع بين الاتهامات الغامضة وغياب الشفافية

ع.مشواري
يشهد مجلس مقاطعة سيدي البرنوصي حالة من التوتر السياسي والصراعات الإدارية التي أثارت جدلا واسعا في صفوف الرأي العام. هذه التوترات تتجلى في مواجهة غير مباشرة بين رئيس المجلس والأغلبية المسيرة من جهة، والنائب الأول للمقاطعة من جهة أخرى، حيث تتوالى الاتهامات المتبادلة وسط غياب أدلة قاطعة تضع حدا لهذه الأزمة.
اتهامات النائب الأول: جدل بلا أدلة
النائب الأول للمقاطعة، عصام الكمري، خرج في العديد من المناسبات بتصريحات نارية عبر وسائل الإعلام، متهما الإدارة المحلية بالفساد وسوء التسيير. كما انتقد بشدة ما وصفه بالقرارات الفردية التي يتخذها رئيس المجلس والأغلبية المسيرة. ورغم الجدية الظاهرة في اتهاماته، إلا أنها لم تتجاوز إطار الادعاءات العامة، حيث افتقرت إلى أدلة قاطعة تدعمها، مما وضع المواطنين أمام مشهد غامض يزيد من حالة التوتر والبلبلة.

صمت رئيس المجلس: موقف مريب
في المقابل، يبدو رئيس المقاطعة سعيد صبري، متحفظا في الرد على هذه الاتهامات، مكتفيا بإصدار بيانات صحفية محدودة وغير مقنعة. هذا الصمت يفتح باب التساؤلات حول مدى مصداقية الاتهامات أو طبيعة الاستراتيجية التي يتبعها الرئيس للتعامل مع الأزمة. إن كان يعتقد أن هذه الاتهامات محض افتراء، فإن رفع دعوى قضائية لتوضيح الحقيقة للرأي العام كان ليكون خيارا منطقيا، لكن غياب هذه الخطوة يعمق الغموض ويضعف ثقة الساكنة في القيادة المحلية.
الجلسة الثانية لدورة يناير: محاولة لإظهار التماسك

وسط هذه الأجواء المشحونة، انعقدت الجلسة الثانية لدورة يناير 2025 لمجلس مقاطعة سيدي البرنوصي، وشهدت حضورا مكثفا لأعضاء الأغلبية الذين أكدوا تماسكهم من خلال التنسيق مع السلطات المحلية لإنجاز المشاريع التنموية. وعلى النقيض، استمرت الأقلية في غيابها عن الجلسات، مما أثار انتقادات واسعة حول التزامها بمسؤولياتها تجاه الساكنة.

خلال الجلسة، تمت المصادقة بالإجماع على جميع النقاط المدرجة في جدول الأعمال، في أجواء وصفت بالإيجابية. واختتمت الدورة بتلاوة برقية ولاء لجلالة الملك محمد السادس، في خطوة اعتادت الأغلبية على تضمينها في نهاية أشغال المجلس.
المواطن بين تناقضات الأطراف
أمام هذا الوضع، يقف المواطن في سيدي البرنوصي في حالة من الحيرة، يتأرجح بين تصريحات النائب الأول التي تتهم الإدارة بالفساد وسوء التسيير، وادعاءات الأغلبية التي تؤكد عملها من أجل التنمية وخدمة الساكنة. وبين هذا وذاك،
ويبقى السؤال الجوهري: هل يستطيع مجلس مقاطعة سيدي البرنوصي تجاوز أزماته الداخلية وتركيز جهوده على خدمة الصالح العام؟ أم أن الصراعات السياسية ستظل عائقا أمام تحقيق التنمية التي ينتظرها المواطنون؟ الأيام القادمة ستكشف إن كان هذا المجلس قادرا على تجاوز الانقسامات والعمل بروح المسؤولية أم أنه سيظل رهين التجاذبات والصراعات العقيمة.