أزمة مقاطعة البرنوصي بين الاختلالات وغياب الحكامة

ع.مشواري
شهدت مقاطعة البرنوصي حالة من الجدل الواسع بعد التصريحات النارية التي أطلقها النائب الاول للرئيس، حيث وجه رسائل صريحة للأحزاب المسيرة للشأن المحلي، وللموظفين المسؤولين عن تدبير شؤون المقاطعة. هذه التصريحات حملت في طياتها اتهامات خطيرة بالاختلالات الإدارية والمالية، مؤكدا أن ما يجري لا يعدو كونه فسادا إداريا وليس مجرد خلاف سياسي.

النائب أشار في تصريحاته إلى وجود خلل عميق في طريقة اتخاذ القرارات داخل المقاطعة، حيث وصفها بالقرارات الأحادية التي تغيب عنها الاستشارة الجماعية وروح الحكامة. وذهب إلى القول إن هذه الاختلالات دفعت بالمقاطعة إلى “دق ناقوس الخطر”، مضيفا أن البنية التحتية قد انهارت تماما رغم الأموال الطائلة التي تم إنفاقها.
ولم يتردد النائب في دعوة الساكنة للخروج إلى الميدان ومعاينة تلك الاختلالات بأعينهم، مشيرا إلى أن هناك توجيها خاطئا للأموال العامة، وعبثا في تدبير الملفات الحساسة مثل توزيع رخص عدادات الكهرباء، وتأهيل الطرق، واحترام الملك العام.
واعتبر النائب أن بعض المسؤولين لجؤوا إلى تمويه الحقائق، مؤكدا أن البيانات الرسمية المنشورة عبر الموقع الرسمي للمقاطعة لا تعكس الواقع. وأضاف أن البيان الصادر عن الاغلبية لمقاطعة سيدي البرنوصي يتناقض مع الأوضاع الكارثية التي تعيشها البرنوصي، مما يطرح علامات استفهام حول مدى نزاهة هذه التقارير.

وأوضح النائب أن الخلاف القائم ليس خلافا سياسيا، بل هو صراع حول قرارات أحادية أفرغت المقاطعة من مقومات الحكامة الجيدة، مطالبا بتدخل السلطة الرقابية لكشف الحقيقة ومساءلة كل من تورط في هذه الاختلالات، مؤكدا أنه “لا أحد فوق القانون”.
ولم تغب عن تصريحات النائب الإشارة إلى تأثير هذه الاختلالات على الحياة اليومية للساكنة، خاصة موضوع التجار والبنية التحتية المتردية. كما شدد على أن البرنوصي وصل إلى “مرحلة السكة القلبية”، في إشارة إلى تعطل كل محاور التنمية المحلية نتيجة سوء التدبير.
ودعا المسؤولين إلى التحلي بالحكمة والتعقل، مع توجيه انتقادات حادة لكل من انفرد بالقرارات دون مراعاة مصالح الساكنة.
في ظل هذه التصريحات، يبدو أن أزمة مقاطعة البرنوصي تتجاوز مجرد اختلافات في الرأي، إلى صراع حقيقي حول التدبير والشفافية. النائب أكد أن على الجميع تحمل مسؤوليته، داعيا إلى تفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة لإعادة الأمور إلى نصابها، وإلى حماية مصالح المواطنين بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة.
إن الساكنة والمجتمع المدني مدعوون للوقوف صفا واحدا ضد الفساد، والمطالبة بإرساء مبادئ الحكامة الجيدة لضمان تنمية مستدامة تعود بالنفع على الجميع.