عملية باركيرا: سقوط شبكة متعددة الأنشطة للاتجار بالبشر بين المغرب وسبتة

أسقطت عملية أطلق عليها اسم “باركيرا”، ونفذها الحرس المدني الإسباني في إطار مكافحة الهجرة غير النظامية بين المغرب وسبتة المحتلة، شبكة إجرامية وصفت بأنها من أكثر التنظيمات تنوعا في أنشطتها غير القانونية. فقد كشفت التحقيقات عن نشاط متشعب لم يعد يقتصر على التهريب التقليدي للأشخاص، بل امتد ليشمل تقديم طلبات لجوء احتيالية، وتدبير زيجات صورية، وتهريب قاصرين، إضافة إلى محاولات فتح مسارات جديدة نحو طريفة وجزر البليار.
وبحسب معطيات الحرس المدني التي أوردتها صحيفة “إلفارو”، فإن الشبكة لم تعد تعتمد الأساليب القديمة القائمة على تمرير المهاجرين عبر البحر أو إخفائهم قبل نقلهم إلى شبه الجزيرة، بل انتقلت إلى مستوى أكثر تعقيدا يقوم على استغلال كل فرصة لتحقيق أرباح إضافية، دون أي اعتبار للجوانب الأخلاقية أو الإنسانية.
ومن بين أساليبها، تلقين المهاجرين كيفية تقديم طلبات اللجوء فور وصولهم إلى سبتة المحتلة، وتزويدهم بروايات جاهزة لاستخدامها أمام عناصر الأمن في حال توقيفهم، مثل الادعاء بأنهم قطعوا المسافة سباحة لمدة خمس ساعات، مع التخلص من الوثائق المزورة التي يحصلون عليها من أفراد الشبكة.
وتشير التحقيقات إلى أن تكلفة العبور إلى سبتة المحتلة تتراوح بين 9.000 و10.000 يورو، وتشمل المراقبة وشراء بدلات الغوص والمعدات وأجر الربان، بينما يصل ثمن الوصول إلى شبه الجزيرة إلى 14.000 يورو. وتظهر المكالمات التي اعترضها الحرس المدني أن هذه الأسعار المرتفعة ناتجة عن شبكة مالية معقدة تشمل دفع مبالغ لعدة أطراف متورطة بشكل مباشر أو غير مباشر.
كما كشفت التحقيقات عن نشاط مواز يتعلق بالزواج الصوري، حيث أكد أفراد الشبكة وجود “سوق” لهذا النوع من العمليات، وأن كل شيء متاح لمن يرغب في الحصول على أوراق الإقامة عبر هذا الطريق. ومن بين الأمثلة التي أوردتها التحقيقات، جلب امرأة لشخص إلى سبتة مقابل 12 ألف يورو بهدف تزويجه صوريا لتسوية وضعيته القانونية.
وتتضمن الأنشطة الخطيرة التي كشفتها العملية تهريب القاصرين، إذ تبين أن الشبكة كانت تسهل إدخال أطفال إلى سبتة ثم تأمين خروجهم نحو شبه الجزيرة. وفي إحدى المكالمات، طلب شخص من أحد أعضاء التنظيم تهريب ابنه البالغ 14 عاما، ليجيبه الوسيط بأن التهريب عبر قوارب الصيد يكلف بين 10.000 و11.000 يورو.
ولم تكتفِ الشبكة بمسار سبتة، بل كانت تبحث عن مسارات بديلة، من بينها خط المغرب–طريفة واتصالات محتملة داخل جزر البليار التي تشهد ضغطا متزايدا للهجرة غير النظامية. واعتمد أفراد التنظيم تطبيقات يصعب تتبعها للحفاظ على سرية اتصالاتهم، غير أن التحقيقات تمكنت من تفكيك جميع الخيوط المرتبطة بمحاولات تسهيل وصول المهاجرين إلى تلك الجزر.
وأوضحت عملية “باركيرا” إلى إسقاط شبكة متعددة الروافد تجمع بين التهريب والاتجار بالبشر والتحايل على مساطر اللجوء والزواج الصوري وتهريب القاصرين. ورغم توقيف عدد من عناصرها، ما يزال التحقيق مفتوحا، خصوصا فيما يتعلق بالمسارات المرتبطة بجزر البليار، لكشف جميع امتدادات هذا التنظيم.





