تعزيز ضمانات السلامة الجسدية للموقوفين في ضوء مستجدات قانون المسطرة الجنائية

أصدرت رئاسة النيابة العامة توجيهات جديدة دعت من خلالها المحامي العام الأول لدى محكمة النقض، والوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف، ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، إلى التقيد الصارم بمقتضيات الفحص الطبي للأشخاص الموقوفين، وذلك انسجاما مع المستجدات التي جاء بها قانون المسطرة الجنائية.

وأكدت الدورية الصادرة في هذا الشأن على ضرورة إخضاع كل شخص موضوع تحت الحراسة النظرية لفحص طبي متى لاحظ ضابط الشرطة القضائية عليه أعراض مرضية أو علامات وآثارا تستدعي ذلك. كما شددت على وجوب إشعار النيابة العامة قبل إجراء هذا الفحص، مع إسناد المهمة لطبيب مختص في الطب الشرعي، أو لطبيب آخر عند تعذر توفر المختص.

وألزمت الدورية بتوثيق هذا الإجراء بدقة، من خلال تضمينه في سجل الحراسة النظرية، وتدوينه في المحضر الموجه إلى النيابة العامة، مرفقا بالتقرير الطبي المنجز، وذلك تطبيقا لمقتضيات المادة 67 من قانون المسطرة الجنائية.

وفي السياق ذاته، أوضحت رئاسة النيابة العامة أن إخضاع المشتبه فيه لفحص طبي يصبح إلزاميا بأمر من الوكيل العام للملك أو وكيل الملك في حالتين أساسيتين: الأولى إذا تقدم المشتبه فيه أو دفاعه بطلب إجراء فحص طبي بعد انتهاء الاستنطاق، والثانية إذا تمت معاينة آثار أو علامات على جسد المشتبه فيه تبرر اللجوء إلى هذا الإجراء. وفي كلتا الحالتين، يتعين تكليف طبيب مؤهل بمهمة الفحص.

أما بخصوص الأحداث، فقد شددت الدورية على أن الأمر بإجراء فحص طبي يعد إلزاميا أيضا إذا تقدم به الولي الشرعي للحدث، حيث يتوجب إحالة هذا الأخير على الطبيب المختص قبل الشروع في الاستنطاق، الذي لا يستكمل إلا بعد إنجاز الفحص الطبي.

ونبهت رئاسة النيابة العامة إلى أن أي اعتراف مدون في محضر الشرطة القضائية يعتبر باطلا إذا تم رفض إجراء الفحص الطبي رغم طلبه من طرف المتهم أو دفاعه، طبقا لمقتضيات المادة 74.1 من قانون المسطرة الجنائية. كما لا يعتد بالاعتراف في حال رفض الفحص الطبي عندما يكون المتهم حاملا لآثار ظاهرة للعنف أو إذا طلبه دفاعه، وفقا للمادة 73 من القانون نفسه.

وأبرزت الدورية أن الغاية الأساسية من هذه الإجراءات والصلاحيات القانونية تتمثل في حماية الحقوق الأساسية وصون الحريات الفردية من أي مساس أو انتهاك، داعية إلى الحرص على التطبيق السليم والدقيق لهذه المقتضيات.

كما دعت رئاسة النيابة العامة مسؤولي النيابة إلى الاستجابة لجميع طلبات الفحوص الطبية المقدمة من المشتبه فيهم أو دفاعهم، أو من الأولياء الشرعيين للأحداث، مع الأمر بإجرائها كلما تمت معاينة مؤشرات تستوجب ذلك. وطالبت كذلك بفتح أبحاث تلقائية، فورية وفعالة بخصوص نتائج هذه الفحوص، سواء التي تمت بأمر من النيابة العامة أو بانتداب من ضباط الشرطة القضائية، واتخاذ القرارات القانونية المناسبة داخل آجال معقولة، مع التتبع المستمر لهذا النوع من القضايا وعدم التردد في ممارسة الطعون القانونية المتاحة.

وفي إطار تعزيز الرقابة، حثت الدورية على القيام بزيارات منتظمة لأماكن الحرمان من الحرية داخل الآجال المحددة قانونا، للتأكد من قانونية الإيقاف واحترام شروطه، ومراجعة السجلات المخصصة لذلك.

كما أكدت على أهمية التفاعل الإيجابي مع الطلبات المقدمة أمام الجهات القضائية المختصة من أجل إجراء خبرات طبية عند الادعاء بالتعرض للمساس بالسلامة الجسدية، وذلك عبر تقديم الملتمسات الضرورية للتحقق من صحة هذه الادعاءات.

وختمت رئاسة النيابة العامة توجيهاتها بالدعوة إلى إحداث سجل خاص بالفحوص الطبية المأمور بها، بهدف ضبط هذه الإجراءات وتسهيل استخراج الإحصائيات المتعلقة بها، مع إلزامية توجيه تقارير إحصائية شهرية حول الفحوص المنجزة والإجراءات المتخذة بشأنها إلى رئاسة النيابة العامة، مع الإشعار الفوري بالحالات التي تستوجب ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى