تحذيرات دولية من استغلال الدين لتجنيد الشباب بمخيمات تندوف ودعوات لتبني خطاب ديني معتدل

منبر الحي -جنيف-

حذر حقوقيون وخبراء دوليون، خلال لقاء احتضنته مدينة جنيف، من الخطر المتزايد المتمثل في استغلال الدين لتجنيد الشباب داخل مخيمات تندوف بالجزائر، مؤكدين ضرورة التصدي لهذا التهديد عبر خطاب ديني وسطي ومعتدل يعزز قيم التسامح والتعايش. وأشاد المشاركون في هذا اللقاء بالمبادرة المغربية الرائدة في تكوين الأئمة على مبادئ الإسلام المعتدل، معتبرينها نموذجا يمكن أن يحتذى به في باقي دول المنطقة.

جاء ذلك خلال ندوة نظمت يوم الثلاثاء، على هامش الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تحت عنوان “دور ومسؤولية القادة الدينيين في تعزيز السلام والوئام”. وقد تم خلال اللقاء تسليط الضوء على تصاعد خطاب الكراهية والتطرف في منطقة الساحل، وعلى الأوضاع المقلقة في مخيمات تندوف، حيث تنشط جماعات مسلحة متطرفة وانفصالية، ما يشكل تهديدا مباشرا للاستقرار الإقليمي.

وأكد المتدخلون على مسؤولية القادة الدينيين في محاربة خطاب الكراهية، خاصة في المناطق الهشة مثل الساحل وشمال إفريقيا، وفي مقدمتها مخيمات تندوف التي تنشط فيها جبهة “البوليساريو”، المصنفة ضمن الجماعات المسلحة الانفصالية.

كما دعا المتحدثون إلى تعبئة دولية شاملة تشمل تعاونا وثيقا بين القادة الدينيين، والدول، والمنظمات الحقوقية، لمواجهة التطرف الديني في هذه المناطق، ووضع حد لاستغلال الشباب من خلال التأويلات المغلوطة للنصوص الدينية.

وفي هذا السياق، شدد بيرو دياوارا، المسؤول في الملتقى الإفريقي للدفاع عن حقوق الإنسان (RADDHO)، على أهمية خوض معركة فكرية وإعلامية ضد الدعاية المتطرفة، مشيرا إلى تفاقم حالة انعدام الأمن في منطقة الساحل وجنوب الجزائر، خاصة في مخيمات تندوف. وأكد دياوارا أن المبادرة المغربية في تكوين الأئمة على الإسلام الوسطي والمتسامح تشكل مثالا يحتذى به في مواجهة الفكر المتطرف.

من جهته، استنكر تشارلز غرايفز، مؤسس منتدى الحوار الثقافي والديني (FICIR)، استغلال التأويلات المتطرفة للنصوص الدينية من أجل استقطاب الشباب، مشددا على ضرورة تدخل فعال من القادة الدينيين لنشر ثقافة التسامح والسلام ومكافحة خطاب الكراهية.

أما أنور محمود، ممثل منظمة هيومانيتي فيرست (Humanity First)، فقد ركز على البعد الإنساني الشامل لقيم التسامح، مثمنا جهود المغرب في تعزيز خطاب التعايش والانفتاح الديني. ودعا بدوره إلى تعبئة دولية لمواجهة الجماعات المتطرفة والانفصالية التي تهدد النسيج المجتمعي في مناطق النزاع.

وقدمت لورا دولوريس، ممثلة منظمة interfaithinternational، قراءة قانونية وحقوقية لأهمية التسامح الديني كعنصر أساسي في استقرار المجتمعات، لاسيما في إفريقيا ومنطقة الساحل. وأكدت على ضرورة تعزيز التضامن الدولي لدعم الدول الإفريقية في مواجهة تحديات الإرهاب والانفصال، مع الالتزام باحترام حقوق الإنسان.

بدوره، شدد الشيخ أشرف أفندي، رئيس معهد السلام العالمي للتصوف، على أهمية القيم الروحية التي يحملها التصوف، باعتبارها ركيزة للسلام والمحبة. ودعا إلى دعم المبادرات العابرة للأديان في مواجهة التطرف وخطاب الكراهية.

واختتم اللقاء بالتأكيد على أن مكافحة التطرف الديني وخطاب الكراهية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال تنسيق الجهود بين القادة الدينيين، والدول، والمنظمات غير الحكومية، لبناء مجتمعات سلمية وشاملة، خاصة في المناطق المعرضة لخطر التطرف، كالساحل ومخيمات تندوف.

يذكر أن اللقاء نظم بمبادرة من بيرو دياوارا، بشراكة مع منتدى الحوار الثقافي والديني (FICIR) ومنظمة صوت من أجل السلام والعدالة (Voice for Peace & Justice)، وجمع حوالي أربعين مشاركا يمثلون منظمات وخبرات دولية فاعلة في مجال مكافحة التطرف العنيف في القارة الإفريقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى