الفضاء الرياضي القدس سيدي البرنوصي: من مفخرة محلية إلى تحذير صارخ لمستقبل المشاريع العمومية

ع.مشواري

بعد أقل من عام على تدشينه في شتنبر 2024، يعيش ملعب الفضاء الرياضي “القدس” بسيدي البرنوصي وضعا مؤسفا لا يليق بحجم التطلعات التي رافقت افتتاحه. المشروع الذي قدم باعتباره مفخرة لساكنة المنطقة تحول اليوم إلى مساحة مهترئة، مليئة بالحفر وبغطاء عشبي تالف، في مشهد يعكس واقع سوء تدبير المرافق العمومية.

الملعب أنجز على مساحة تقارب 4.2 هكتارات، وبلغت تكلفته المالية ما بين 10 و20 مليون درهم حسب المصادر المختلفة. وقد أشرف على تدشينه عامل عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي نبيل خروبي، ورئيسة جماعة الدار البيضاء نبيلة الرميلي، ورئيس جهة الدار البيضاء-سطات عبد اللطيف معزوز، إلى جانب حضور فعاليات مدنية وإدارية محلية. غير أن النتيجة بعد أشهر قليلة كانت صادمة، إذ بدأ العشب الاصطناعي يتدهور، وتظهر حفر وأجزاء متآكلة، ما يجعل ممارسة الرياضة فيه محفوفة بالمخاطر بدل أن يكون متنفسا آمنا للساكنة.

هذا التدهور السريع يطرح تساؤلات جدية حول معايير الجودة المعتمدة في الإنجاز، والجهة المكلفة بتتبع الأشغال والمراقبة التقنية. كيف يمكن لمرفق صرفت عليه ملايين الدراهم أن يفقد صلاحيته بهذه السرعة؟ وأين تذهب ميزانيات الصيانة التي يفترض أن تضمن استدامة هذه المشاريع؟ إن ما يحدث في ملعب القدس ليس حالة معزولة، بل يعكس نمطا متكررا من التهاون وغياب المحاسبة في تدبير المال العام، حيث تتكرر نفس السيناريوهات في مشاريع أخرى بالمنطقة لم يكتب لها أن تصمد طويلا بعد افتتاحها.

وفي هذا السياق، يوجه نداء صريح إلى المسؤولين الذين حضروا حفل التدشين، وفي مقدمتهم عامل عمالة سيدي البرنوصي، ورئيسة جماعة الدار البيضاء، ورئيس الجهة، للقيام بزيارة ميدانية عاجلة لما دشنوه بأيديهم، ليقفوا على واقع هذا المشروع الذي تحول من “مفخرة” إلى مثال مؤلم على سوء الإنجاز والتدبير. فالمطلوب اليوم ليس مجرد المعاينة، بل اتخاذ قرارات حازمة تضع حدا لهذا العبث، وتعيد الاعتبار للمال العام وثقة المواطنين في مؤسساتهم.

ويجب أن يكون هذا التدهور السريع بمثابة تحذير جاد للمشاريع المستقبلية: فغياب الصيانة، وضعف الرقابة، والتهاون في معايير الجودة، قد يحول أي مشروع جديد من فرصة للتنمية إلى قصة فشل إضافية تثقل سجل المنطقة، وتزيد من شعور الساكنة بالإحباط وفقدان الثقة في المؤسسات. التنمية الحقيقية تبدأ بمحاسبة من أساءوا الأمانة، وضمان ألا تتحول كل مبادرة مستقبلية إلى تكرار لما حدث في ملعب القدس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى